الشاي والجَبَنات في بورتسودان ..واقع جديد وملمح تعايش

 

بورتسودان – أحمد عمر خوجلي:

ظلت مهنة بيع الشاي والقهوة في مدينة بورتسودان طوال سنوات حكرا على الرجال من أهل البلد المنحدرين من بطون وقبائل البجا في الغالب الأعم ، وظلوا يحتفظون لممارسة هذه المهنة بمواقع مختلفة في الأسواق والطرقات ومواقف المواصلات وفي داخل المقار العامة والخاصة والأندية وملاعب كرة القدم وفي الجامعات والكليات والمشافي والساحات والحدائق العامة ، وشهدت هذه المهنة تطورات بطيئة بعد بظهور الكافيهات والمقاهي السياحية في الفترة الأخيرة من أيام والي الولاية الأسبق وباني نهضتها محمد هاشم ايلا ، لكن مع ذلك ظلت المقاهي الشعبية هي الملمح الطاغي المتعارف عليه، مقر به (عريشة) رقيقة ومجموعة من (بنابر) و(ترابيز) صغيرة ، وبرميل ممتلى بالرملة وتوضع النار على رأسه ، أو ( لدايا) على الأرض صارت في الأيام الأخيرة مجموعة بلكات بدلا عن الحجارة ، وصانع للقهوة ومساعد له يمارسان عملهما بالزي التقليدي و يستجيبان لطلبات الزبائن من الشاي ، و”جبنة في جبنة” ، أو جبنة في كباية بسرعة لا يهزمها إلا انقطاع توفر المياه الساخنة او السكر .

تطورات .. ولكن :

هذه المقاهي التقليدية تقليدية حتى في المياه الصالحة للشرب ، فهي غير مثلجة في حافظة عتيقة ، أو برميل بلاستيكي.
التطورات كانت ماضية للأمام وبطبيعة الأمر نجد أن الحياة بشعابها المختلفة تنزع الى التطور في الوسائل والأدوات ، والمقاهي التقليدية نفسها اصبحت تواكب التطور وتحاول ان تساير الأوضاع الجديدة فظهرت الشاشات والتلفزيونات حيث يدمن الزبائن الاستماع إلى نشرات الاخبار في الفضائيات والقنوات العالمية والعربية فضلا عن متابعة مباريات كرة القدم العالمية حيث يجتهد المتابعين في حضورها جماعيا في الأندية والمقاهي .

آثار الحرب والنزوح :

لكن بعد الحرب التي غطت مساحات من كبيرة من ولايات الجزيرة والخرطوم وسنار ومناطق دارفور وكردفان ، ودفعت كثيرين للنزوح والوفادة لمناطق آمنة ، بدأت ملامح جديدة في التغيير بالظهور وإن لم تكن هذه الملامح جميعها استجابة لمطلوبات التغيير والتطور لكنها استجابة لواقع جديد خاص بالبحث عن مصادر للرزق والكسب في مناطق النزوح الجديدة بسبب الحرب .

 

بوتقة وتعايش:

اصبحت مدينة بورتسودان بوتقة تجاورت فيها بائعات الشاي النازحات من الخرطوم وغيرها من المدن المنتهكة مع ادور في عشته على الطرقات وفي داخل المقار الرياضية ومواقف المواصلات وعند الميادين في الأحياء وقريبا من ساحات وحدائق شارع المطار وفي جوانب ( الكورنيش) الممتدة ، تعيش يلحظ فيها الناس قدر كبيرا من التعاون بين صاحب الأرض والسبق في هذا المجال ببورتسودان كما يلحظ درجة التأثير والتأثر في ما يعرض من مشروبات ساخنة وطرق العرض .

تكافل من نوع آخر:

الأمر في حقيقته هو نوع من التكافل وحسن الاستقبال والتفسح في المجالس واتاحة المشاركة في فرص الكسب والسعي من أجل الرزق في زمن ضاغط وصعب على وافدات لم يجدنّ سوى الطرق على أبواب الرزق الحلال لفترة من الواضح أنها لن تطول .