غادة يا حياتي

مكاتيب
_____________
سلسلة كتابات غسان كنفاني إلى غادة السمان (٣٥)
_________________________
أنت وأنا أعتقدنا أن في العمر متسعاً لسعادة أخرى، ولكننا مخطئون، المرأة توجد مرة واحدة في عمر الرجل، وكذلك الرجل في عمر المرأة، وعدا ذلك ليس إلامحاولات التعويض. بذل النسيان والندم راقة فوق راقة.
إن أسعدنا هو أبرعنا في التزوير، أكثرنا قدرة على الغوص في بحر الأقنعة. ننسى؟ ذلك مستحيل، وأنا أيضاً لا أريد أن أنسى، ليس بوسعي أن أطمر الزهرة الوحيدة في عمري هكذا، لمجرد أنك ذهبت وأن أملي في أن ألقاك هو مثل أملي أن ألقى طفولتي.
فيا أيتها الطلقة التي حملها جناحاها إلى أرض لاأعرفها، والتي كان على منذ البدء أن أعرف بأنها مثل العصافير، ستضرب في فراغ السماء جاذبية المدى الذي لايجده حد لست أطمع منك بالعودة. لقد رف جناحاك في زنزانتي وتركا في هوائها الساكن شيئاً يشبه خفق القلب، زرعا في صمتها خفقة طليقة وتركاها تغطس في وحدتها المرة.
(غسان كنفاني)