الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود:(حي ساطور) أخطر بؤرة إجرامية بولاية الخرطوم

- حملة لشرطة محلية الخرطوم تنجح في تخليص السوق المركزي والمحلي من التفلتات الأمنية
- مباحث أمبدة تضبط مدفعا ثنائيا وكورنيت وآربجي ودانات بمنطقة الفردوس
- الطوف المشترك بمحلية كرري يضبط مئات الشاشات والأجهزة المسروقة بمنزل بالثورة 56
تحقيق ــ التاج عثمان
*قامت شرطة محلية الخرطوم يوم 17 يونيو الجاري بالتنسيق مع الطوف المشترك بحملة كبرى بدائرة إختصاص قسم السوق المحلي.. الحملة نجحت بإقتدار وكفاءة أمنية مُبهرة في إزالة الظواهر السالبة والتفلتات الأمنية وضبط الوجود غير الشرعي للأجانب بمنطقتي السوقين المحلي والمركزي الخرطوم وفي مقدمتها (حي ساطور) أخطر بؤرة إجرامية بولاية الخرطوم إن لم يكن بالسودان قاطبة.. التحقيق التالي ينقلك لداخل هذا الحي الخطير والذي ينطبق عليه القول: الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود*
خمر ونساء وحشيش:
يقع حي ساطور في الجزء الجنوبي الشرقي من السوق المحلي والمركزي، ويشمل المنطقة الممتدة من الميناء البري غربا، مرورا بمقابر الصحافة ومقابر المسيحيين جنوبا.. سبق أن أجريت داخله أخطر تحقيق صحفي أجريته في مسيرتي الصحفية.. الحي ليس به سكان سوى مجموعة كبيرة من المتفلتين والمتفلتات وبائعات الهوى ومروجي المخدرات والخمور وعصابات (سبعة طويلة) الذين يحملون السواطير ويروعون المواطنين من مرتادي السوقين المحلي والمركزي بالخرطوم.. تجولت داخله قبل القتال الذي إندلع بالخرطوم 2023 بحوالي الشهرين لأكثر من 5 ساعات وكان يرافقني أحد أعضاء لجنة السوق وهو يحمل مسدسا لحمايتي أثناء إجرائي للتحقيق الصحفي والذي أجريته لصالح صحيفة (الحراك السياسي) آخر صحيفة عملت بها قبل إندلاع القتال بالخرطوم بين الجيش وقوات (النهب) السريع المتمردة.. والخطورة التي كادت تزهق حياتي حدثت لحظة تصوير بعض عصابات المتفلتين داخل السوق وهم يرتكبون جرائمهم المختلفة، والذين أحالوا السوق المركزي لبؤرة إجرامية: قتل، نشل، نهب، وخمر ونساء وحشيش!.. شاهدتهم يتعاطون البنقو والخمور البلدية داخل السوق على مرآى ومشهد من الجميع ولا يردعهم أحد ، ولو فعل أحدهم لتلقى ساطورا على رأسه.. وهناك اوكار الدعارة المشيدة من المشمعات والجوالات البلاستيكية تمارس داخلها بعض النسوة الدعارة في واضحة النهار وفي يوم مقدس هو يوم الجمعة اليوم الذي أجريت فيه التحقيق.
كما كشف التحقيق الصحفي وجود شقق يسكن فيها المتفلتون وهي عبارة عن شقق عشوائية داخل عمارات غير مكتملة تقع في الناحية الشرقية والجنوبية من السوق المركزي فبجانب السكن إتخذوا منها مخابئ لمسروقاتهم التي ينهبونها من المواطنين الذين يقصدون السوق المركزي للتسوق، واوكارا للدعارة وملاذا لهم للنوم.. أثناء جولتي داخل السوق المركزي وتحديدا وسطه تماما لفت إنتباهي عدد من القيزان الكبيرة يقوم بعض الشباب بإنضاج الفول السوداني، (الفول المركب)، أي بقشرته، يضعونه داخل أكياس كبيرة يدخلونها في الماء المغلي بالقيزان أو الحلل الكبيرة لينضج، ثم يضعونه داخل درداقات يقودها صبية يقومون ببيعه داخل السوق المركزي وأسواق وأحياء الخرطوم، مع خطورة ذلك على المواطنين، حيث من المعروف أن أكياس البلاستيك عندما تتعرض لدرجة حرارة عالية تتحرر موادها الكيميائية المسرطنة لتختلط بالفول لتنتقل للمواطنين الذين يلتهمونها.. أخرجت كاميرتي التي كنت أخبئها في جيبي وإلتقطت سريعا عدة صور لقيزان الفول فشاهدني أحدهم ويبدو أنه رئيس المجموعة وطاردني وكان يحمل بيده ساطورا كبيرا وكاد يلحق ويفتك بي إلا أن مرافقي من لجنة السوق أشهر مسدسه في وجهه فعاد من حيث أتى.
نفس المشهد تكرر معي عندما قمت بتصوير خمسة من أفراد عصابة تسعة طويلة وبجانبهم سواطيرهم وهم يحتسون العرقي نهارا جهارا داخل السوق ومنهم فتاتين تحتسيان الخمر أيضا معهم فشاهدني أحدهم أقوم بتصويرهم فحاولوا اللحاق بي إلا أنني تخلصت منهم بمساعدة مرافقي عضو لجنة السوق، والذي كان متحمسا لما أقوم به مشيرا أن لجنة السوق إتصلت قبلي بعدد من الصحفيين لعكس الممارسات الإجرامية لعصابات تسعة طويلة داخل السوق المركزي والمحلي إلا إنهم رفضوا ولهم حق في ذلك، فالوضع في السوق خطير ومجرد ما يعلم أفراد تلك العصابات بوجود صحفي يحاول كشف ما يقومون به من أعمال إجرامية مختلفة فإنهم سيكونون له بالمرصاد.. عموما نجحت أخيرا في مهمتي أو في الحقيقة مغامرتي داخل حي ساطور والسوقين المركزي والمحلي، ونشرت التحقيق سريعا وفي نفس يوم النشر إتصل بي أحد أعضاء لجنة السوق طالبا مني الحضور عاجلا، وعندما حضرت شاهدت حملة شرطية كبيرة تقوم بإزالة رواكيب الدعارة وتعاطي وترويج الخمور البلدية والمخدرات والسلس والتي أشرت لها بالصور في سياق التحقيق.. لكن بعد أيام قليلة عادت حليمة لقديمها، عادت العصابات لممارسة أفعالها الإجرامية مرة أخرى.
إسبيرات مسروقة:
مؤخرا قامت شرطة محلية الخرطوم بحملات مستمرة ناجحة بمناطق الهشاشة الأمنية بالسوقين المركزي والمحلي الخرطوم بإزالة الظواهر السالبة والتفلتات والمهددات الأمنية داخل السوق المركزي والمحلي ومنها حي ساطور، واسفرت الحملة عن القبض على 104 من الأجانب منهم 30 إمرأة، تم تسليمهم لدائرة شؤون الأجانب توطئة لترحيلهم إلى دولهم.. كما ضبت الحملة جوار المدينة الرياضية جنوبي الخرطوم عدد 40 جوالا مليئة بالإسبيرات المسروقة، وتم فتح بلاغ تحت المادة (100) إجراءات بقسم شرطة السوق المحلي الخرطوم، بجانب ضبط عدد من منتحلي شخصية القوات النظامية إتخذت بشأنهم الإجراءات القانونية اللازمة.
من جانبها ــ وحسب موقع الخليل الإخباري ــ ضبطت إدارة المباحث الجنائية ولاية الخرطوم فرعية مباحث أمبدة تحت إشراف رئيس الفرعية، ضبطت مدفع ثنائي كامل، ومدفع كورنيت، ومدفع اربجي، و9 دانات وذلك بمنطقة الفردوس امبده، وتم إتخاذ إجراءات أولية توطئة لتسليمها لمنطقة امدرمان العسكرية.
الطوف المشترك:
من جانبها قامت قوات الطوف المشترك، محلية كرري بتنفيذ عملية مداهمة نوعية قبل أيام قليلة لإحدى المنازل بمنطقة الثورة الحارة 56 بناء على معلومات ميدانية تفيد أن أحد المنازل يتم فيه إستلام الشاشات التلفزيونية وحواملها بمختلف مقاساتها، والأجهزة الكهربائية المسروقة من المواطنين، وأزياء لرتب عسكرية مختلفة يتم بيعها لمنتحلي الشخصية من المتفلتين.. وتم ضبط متهم بالمنزل المذكور وبحوزته عدد 24 شاشة بمقاسات مختلفة مسروقة، وعدد 8 أجهزة لابتوب، و2 منظم جهاز كاميرات، و3 كاميرات، و3 أفران كهربائية، ومبرد مياه كولر، وطبنجة، وأزياء عسكرية برتبة رائد، ودفتر فواتير يستخدمها المتهم في عملية مبايعة المسروقات، وعدد 2 عربة بأوراق مزورة بإسم المتهم.. تم فتح بلاغ بقسم مدينة النيل تحت المواد: (93/ ق ج) ــ إحتيال شخصية، والمادة (60/ ق ج)ــ إستخدام الإشارات العسكرية، والمادة (68 / 100) ــ إشتباه.
وفي إطار العمل الميداني المشترك بتمشيط محلية الخرطوم إختصاص قسم شرطة السوق المحلي، نفذت حملة شملت أحياء جبرة والسوق المحلي والميناء البري، بجانب حي ساطور المشار إليه في بداية التحقيق، أسفرت عن مداهمة جميع أوكار الجريمة والأنشطة الإجرامية، وتم ضبط عدد 6 من المشتبه بهم فتح في مواجهتهم بلاغات بقسم شرطة السوق المحلي تحت المادة (100) إشتباه، بجانب توقيف عدد 3 مشتبه بهم يقودون دراجة بخارية بدون أوراق رسمية تم تسليمهم للجهات المختصة.. كما تم مداهمة شقة بالسوق المحلي تم العثور داخلها على جوازات سفر تخص إحدى دول الجوار، وأزياء تخص مليشيا الدعم السريع الإرهابية.
مجهودات محلية الخرطوم:
من جانب آخر كشف إعلام محلية الخرطوم أن سلطات المحلية شنت حملة كبرى لإزالة العشوائيات والرواكيب والأنشطة العشوائية بإمتداد شارع افريقيا شرق السوق المركزي، وذلك ضمن خطة المحلية الرامية لإزالة التعديات على الشارع العام وتنظيم الحركة المرورية.. وأكد المدير التنفيذي لمحلية الخرطوم الأستاذ، عبد المنعم البشير:
“المحلية تهدف لفتح الشوارع الرئيسية بإزالة المخالفات الهندسية والبيئية وإعادة تنظيم الأسواق، وحظر الأنشطة العشوائية إلى جانب تعزيز الصحة العامة للحد من إنتشار الأمراض الوبائية.. والحملة راعت الأبعاد الإجتماعية والإقتصادية للعاملين في محيط السوقين المركزي والمحلي، حيث تم تخصيص مساحات داخل حرم السوق المركزي لتمكينهم من مواصلة أنشطتهم التجارية وذلك في إطار المسؤولية المجتمعية للمحلية ولجنة تجار السوق المركزي والتي سوف تشرف على تنظيم وتحديد مواقع لصغار التجار تفاديا لتكرار المخالفات وضمان لعدم تضررهم من الإجراءات الجارية الآن “.