إنني لاأنسى حدقتي الدكتور

 

مكاتيب

_____________

سلسلة كتابات غسان كنفاني إلى غادة السمان (٤٠)

________________________

ومازال غسان كنفاني يواصل رسالته لغادة السمان مخاطباً فيها أخته فيقول:

عزيزتي

إنني لاأنسى حدقتي الدكتور ولسون حين كانت تسبح فيهما تلك الكرتان الزرقاوان، كان رجلاً قادراً على الفهم من فرط ماشاهد الناس يموتون ببساطة ويتركون وراءهم العالم بملاجئ أقل، وكان يعرف أنكِ ملجأي.

وها أنذا أعود ياعزيزتي مثلما كنت أعود إليك طفلاً شقياً مبللاً بمطر يافا الغزير وتستطيعين بنفس الصوت القديم أن تقولي لي: “كنت تسير تحت المزاريب أنا أعرف كم تبلغ بك الشقاوة. ” تحت المزاريب ياأختي تحت المزاريب.. إنني أعطيك رأسي بعد أكثر من عشرين عاماً لتجففيه مرة أخرى رغم، أنني أحسه مبتلاً من الداخل. أعطيك، رأسي، أنا الشقى المسكين، فلم يبق ثمة شئ إلايديك يا أختي.. بالضبط لأنهما على بعد ألف ميل.

ماالذي حدث منذ ولد أسامة عبر ذلك، المخاض الصعب الرهيب؟ بالنسبة لي ماتزال دفتا الباب الأبيض تروحان وتجيئان متقاطعتين منذ خرجت منهما.

(غسان كنفاني)