إجراءات بشأن لبس البدلة الإفرنجية

 

 

بقلم/ السفير .عبدالحفيظ العوض

 

بدأت البدلة الإفرنجية في الانتشار في المجتمع السوداني وغيره من مجتمعات بلدان العالم الثالث أثناء و فيما بعد حقبة الاستعمار الأوروبي،

وقد ارتبطت في أذهان هذه المجتمعات بأنها عنوانا للحداثة والتعليم والتحضر والانضباط المهني. وبعد قيام الدولة الحديثة أصبح ارتداء البدلة علامة على الإنخراط في النظام الإداري والطبقة المتعلمة، كما أنها قد أصبحت مقبولة في المدن الكبرى لكثير من الفئات المجتمعية.

وقد لاحظنا مؤخرا تغيرا كبيرا في نمط اللبس في المجتمع السوداني خاصة لدي فئة الشباب، وميلهم الى لبس البدلة الإفرنجية في المناسبات المختلفة الرسمية والشعبية، ولعلهم قد تأثروا في ذلك بالسياسيين والمسؤولين وقيادات المجتمع المدني.

كما أسهم توسع وسائل الإعلام والسفر والدراسة في الخارج في ذلك أيضا، حيث أصبح تقبل البدلة أكثر شيوعا حتي في المجتمعات التي كانت ترفضها سابقا.

(في الحر لا بديل عن لباسنا الأصيل) :

الزي الشعبي او التقليدي ليس هو مجرد قطعة قماش، بل هو امتداد للهوية وتعبير عن الانتماء الثقافي والجغرافي، كما أن الملابس التقليدية لم ترتبط فقط بالبيئة والمناخ ولكنها ارتبطت أيضا بالقيم الأصيلة كالكرم والرجولة والتواضع. بينما تمثل البدلة الإفرنجية نمطا غربيا دخيلا لا يعكس بالضرورة بئية الريف وطبيعته الاجتماعية، بل قد ينظر إليها كتقليد أعمى لثقافات أخرى دون مراعاة لخصوصية المناخ والجغرافيا، فهذه البدلة ابتدعت بواسطة أهلها لتتناسب مع البيئة والطقس في الدول الغربية وهي بالطبع لاتناسب أجواء السودان وطقسه.

لهذا فإنه من الخطورة بمكان تغيير ثقافة اللبس في مجتمعاتنا ليس فقط لكون ذلك نوع من الانسلاخ والتغريب وفقدان الهوية، ولا لأنها لاتناسب مناخ وطقس السودان الحار فحسب، ولكن الأخطر من ذلك هو تغيير نمط الاستهلاك ودفع المجتمع للاعتماد عن منتج باهظ الثمن ليس في تناول يد المواطن البسيط، كما أنه مدعاة لاعتماد الدولة في ملبسها على الخارج.

(منصة القيادة تبدأ بالهوية) :-

وعلى الرغم من أني من فئة الأفندية التي تجبرها ظروف المهنة على لبس البدلة الإفرنجية، إلا أنه من الأفضل أن يتجنب المسؤولين في الأرياف والمناطق المحلية ارتداء البدلة لأنها لاتناسب طبيعية تلك المناطق، وبالعكس من ذلك فإن لبس الزي التقليدي من قبل المسؤولين وقادة المجتمع يساعد على الحفاظ على الهوية الثقافية وإبراز قيمتها، ويشجع الناس على الاقتداء بهم والتمسك بعاداتهم.

ولابد أن نقتدي في ذلك بعدد من البلدان، فحينما تسافر لدول كاليابان والهند وإندونيسيا تجد أغلب أفراد الشعب وقادة المجتمع يتمسكون بلبس الزي الشعبي في جميع مناسباتهم..

وعلى الرغم من أن بعض الشعوب قد أذابت هويتها في عدد من الجوانب الا أنها لازالت تتمسك بملبسها خاصة مثل تمسك دول غرب أفريقيا (بالقرمبوب والكابتين) ودول الخليج بالجلابية العربية.

لذا فإن تعزيز ارتداء اللباس الشعبي لهو خطوة هامة للحفاظ علي التقاليد الثقافية والتي تعتبر من أهم ممسكات الهوية الثقافية.

 

 (دعوة للمسؤولين والمثقفين لتقديم النموذج والقدوة) :-

من أجل كل ذلك نقدم الدعوة للمسؤولين والمثقفين وقيادات المجتمع على كافة المستويات للتقيد باللبس المحلي في المناسبات الرسمية والشعبية، حتي يكونوا قدوة للشباب وأفراد المجتمع من أجل التمسك بالأزياء السودانية ، وسيكون من الأجدى اختصار لبس البدلة على لقاءات محدودة في بعض دواوين الدولة الرسمية التي تتواصل مع الأجانب.

ويمكن بجانب تعزيز لبس الجلابية والسفاري وال(على الله) أن يتم استنباط تصاميم عصرية مستوحاة من اللبس الشعبي ليكون بديلا عصريا أنيقا للشباب، وملائما للأجواء السودانية ومتماشيا مع الثقافات المحلية.

بل حتي في طقوس الزواج ينبغي أن نشجع اللبس المحلي ونعزز من الطقوس المحلية، والعمل على البعد عن العادات الدخيلة والملابس الإفرنجية وغيرها من التقاليد المستوردة.