عزل السودان اقتصادياً.. كلاكيت ثاني مرة

تقرير- ناهد أوشي

بعد رفع واشنطن الحظر الاقتصادي المفروض عن السودان في العام 2017 و الذي خضع له منذ العام 1997 حيث كانت تشمل عقوبات اقتصادية وتجارية فرضتها إدارات أمريكية تعاقبت على البيت الأبيض، وألحقت هذه العقوبات بالسودان خسائر اقتصادية وسياسية فادحة، فاقت 50 مليار دولار، لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة ظلت تجدد هذه العقوبات عاماً بعد آخر، دون أن تضع حساباً لنداءات حكومة السودان، وللتنازلات الكبيرة التى قدمتها، الآن عادت أمريكا مرة أخرى في يونيو 2025 لتنفيذ عقوبات جديدة على السودان استناداً إلى مزاعم، وصفتها الحكومة السودانية بالكاذبة، حول استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية خلال النزاع مع مليشيا الدعم السريع في عام 2024

الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي أكد أن العقوبات الجديدة استهدفت الجيش السوداني، بما في ذلك القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان. وشملت قيودًا على الصادرات الأمريكية وخطوط الائتمان الحكومية

إبتزاز سياسي:

 السودان  أعلن مواقف حادة ضد مليشيا الدعم السريع وكشف عن تورط دول عديدة في دعمها المباشر وغير مباشر للمليشيا في حربها ضد الدولة السودانية.

وأشار فتحي إلى أن السودان قد  رفض  إدخال المليشيا في تسوية جديدة وكذلك بدأ في بناء علاقات مع روسيا وتركيا والصين لذلك تأتي العقوبات في هذا التوقيت لتخدم عدة أهداف منها إضعاف حكومة السودان دولياً وابتزازها سياسيا لإجبارها على العودة لمسار تفاوضي يشمل الدعم السريع وتصفية حسابات مع خياراتها الجيوسياسية الجديدة.

اقتصاديا فإن العقوبات  قد تؤدي إلى صعوبة في تحويل الأموال من والي المصارف السودانية وتراجع الثقة الدولية بالقطاع المصرفي ووقف تمويل المشاريع أو القروض الدولية مما يجعل الحصول علي العملات الأجنبية عسيراً وكذلك المحظورات من الصادرات الأمريكية، إلا بالاعتماد على السوق السوداء.

وقال  فتحي بأن  العقوبات  اصبحت عبئا أخلاقيا وإنسانيا وليس أداة ضغط سياسي، وهي لا تسقط الأنظمة ولكنها تسقط الإستقرار الاقتصادي والاجتماعي السوداني، فالعقوبات الأميركية السابقة التي لم ترفع بشكل عملي، تسببت في تعطيل بعض القطاعات الاقتصادية الصناعية والخدمية، والتجارة الخارجية، والتحويلات المصرفية العالمية والإقليمية مع السودان، مع ملاحظة أنه لا يوجد تعاون اقتصادي ملحوظ أو تبادل تجاري ذو أثر بين السودان والولايات المتحدة، سوى صادر الصمغ العربي من السودان.

تنظيم الصادرات:

برغم رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية عن السودان في 2017 ومن ثم رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب في 2020 إلا أنه كانت هناك كثير من الدول والمصارف العالمية كانت تتخوف من التعامل مع السودان حتى الآن.

واشار الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد فتحي إلى ان  الحرب الحالية وعزوف الاستثمارات الأجنبية وانخفاض قيمة الصادرات  اسهمت في  إنخفاض قيمة الجنيه، وطالب الحكومة الجديدة خلال هذة المرحلة الحالية  بالاهتمام بالصادرات الزراعية و تنظيم الصادرات المعدنية بإعتبارها المخرج الوحيد لأزمة شح النقد الأجنبي التي تنتج عنها الأزمات الأخرى.

وقال ان الحكومة الانتقالية ومنذ سنوات، لم تعمل على تحسين الميزان التجاري عبر زيادة الصادرات، وتجنب زيادة واردات السلع خاصة الكمالية منها.

فيما سيتأثر الاستثمار الأجنبي في السودان نتيجة لتردد المستثمرين والشركات الدولية في التعامل مع السودان بسبب زيادة المخاطر القانونية والمالية المرتبطة بالعقوبات، كذلك قد تؤثر هذه العقوبات على علاقات السودان مع دول أخرى، خاصة منها الأوروبية إذ من المتوقع أن تتبنى إجراءات مماثلة أو دعم تلك العقوبات الأمريكية. وفي هذه الحالة يمكن للحكومة تنويع الشراكات الاقتصادية، والتوجه نحو أسواق بديلة كالصين، روسيا، تركيا، ودول شرق آسيا ودول الخليج لتعويض القيود على التكنولوجيا والتمويل الأمريكي ، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي خاصة الإقليمي، من خلال حوافز وتسهيلات قانونية لجذب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية والبدء في تنفيذ خطة إصلاح النظام المصرفي، لتقليل الإعتماد على النظام المالي الدولي الخاضع للرقابة الأمريكية. ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، لكسب ثقة الشركاء الدوليين. مع دعم ريادة الأعمال والتقنية المحلية، لتقليل فجوة التكنولوجيا التي قد تفرضها عقوبات امريكية جديدة على السودان

أضرار اقتصادية:

الخبير المصرفي وليد دليل أشار الى  أن العقوبات الاقتصادية الأمريكية وعلى  مدى نحو 20 عاما قد  ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد السوداني، ومنها تجميد ما يفوق سبعة مليارات دولار تخص القطاع المصرفي في السودان.

أما الآثار غير المباشرة للعقوبات المفروضة على السودان، فتمتد إلى صادرات السلع السودانية مثل الصمغ العربي والقطن والسكر والماشية وغيرها، إذ سترتفع الأسعار مما يضغط على فواتير الاستيراد للأسواق والاقتصادات النامية المستوردة لهذه السلع.

وقال ان العقوبات عرضت  المستثمرين الأجانب بالسودان لخسائر فادحة من جراء المعاملات الخارجية، وأضافت قيودا عند تسوية المعاملات التجارية لدى المصدرين.

كما خلقت العقوبات أيضا حالة من عدم الثقة في التعامل بين السودان والمؤسسات المالية الدولية والإقليمية والدول المانحة، مما أفقد الخرطوم موارد متوقعة كفيلة بسد الفجوة الخارجية.