حول قرار إدارة المباني بولاية الخرطوم بشأن إعادة البناء بالعاصمة (1-2)

- مدير إدارة المباني: القرار يهدف لضمان سلامة المواطنين
- مواطنون: نخشى أن يكون القرار بوابة لتحصيل الرسوم
- مدير عام وزارة التخطيط : الإجراءات مجانية بدون رسوم
- تجار مواد البناء: على المواطنين عدم جعلنا (شماعة) لإرتفاع أسعار مواد البناء
تحقيق ــ التاج عثمان:
33ألف مبني بولاية الخرطوم من منازل خاصة بالمواطنين ومباني ومستشفيات وصيدليات ومؤسسات ومتاجر ومقار عامة وخاصة تاثرت بسبب القتال الذي شهدته الخرطوم حسب تقديرات بعض الجهات, بعضها أصبح على الأرض والبعض الآخر تأثر كليا او جزئيا او حرقا.. ولذلك أصدرت مؤخرا الإدارة العامة للمباني التابعة لوزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم إجراءات وصفتها بـ(التنظيمية) تخص عمليات إعادة البناء او ترميم المباني المتأثرة.. القرار اثار موجة من ردود الفعل المتباينة وسط المواطنين والمختصين.. (أصداء سودانية) تتناول بالتفصيل هذا القرار وتداعياته عبر هذا التحقيق
حيثيات القرار:
حيثيات القرار الذي أصدرته مؤخرا وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم، ممثلة في الإدارة العامة للمباني، تشير إلى حزمة إجراءات تنظيمية جديدة تخص عمليات إعادة البناء او ترميم المباني المتضررة من الحرب في العاصمة، ودعت الوزارة جميع المواطنين والعاملين في قطاع التشييد والبناء، من شركات، ومهندسين، ومقاولين، الإمتناع عن تنفيذ أي اعمال هدم او إزالة او صيانة او إعادة تأهيل، او ترميم للمباني المتضررة خاصة كانت او عامة، قبل الرجوع إلى الإدارة المعنية.. وشددت الإدارة في بيانها على ضرورة إجراء تقييم فني شامل للمباني المتضررة لضمان السلامة العامة، وإتخاذ الإجراءات الفنية اللازمة قبل البدء في أي اعمال إنشائية.. وأكدت الوزارة ان أي مخالفات لهذه التوجيهات يتعرض مرتكبيها للمساءلة القانونية وفقا للقوانين واللوائح المنظمة للبناء بولاية الخرطوم.
الروتين الحكومي:
قرار إدارة المباني بولاية الخرطوم، اثار جدلا واسعا وسط المواطنين من أصحاب المنازل المتضررة من الحرب، وغيرها، بجانب بعض المؤسسات العامة والخاصة كالمستشفيات، والتي بدأ بعضها ــ حسب علمنا ــ الشروع في إعادة التأهيل قبل صدور القرار.. أحد أصحاب المنازل تحدث للصحيفة بقوله: عدت لمنزلي بشرق النيل بالخرطوم بحري ووجدت جانب من السور الخارجي للمنزل منهار، فهل إعادة بناء السور تحتاج لإذن من إدارة المباني، ما يصاحب ذلك من عقبات الروتين الحكومي، بداء بالتقديم ببلاغ لإدارة المباني حتى ترسل مهندسيها وفنييها لمعاينة المنزل وقد يستغرق ذلك شهورا طويلا، نظرا لكثرة المنازل المتأثرة والذي لا يتناسب مع عدد مهندسي وفنيي إدارة المباني حسب علمي.
الجشع المسعور:
مواطن آخر من الخرطوم قال: منزلي إنهار بالكامل بعد سقوط قذيفة كبيرة عليه دمرته تدميرا، وكنت أعتقد وأترقب مع غيري من أصحاب المنازل المتضررة ان تصدر وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم بيانا تواسي فيه أصحاب المنازل المتضررة، وسعيها لجلب تمويل خارجي او داخلي لمساعدتهم في إعادة تشييد منازلهم التي تهدمت بالكامل بسبب الحرب، وهذا كما لمسنا يحدث في كل دول العالم التي شهدت حروبا او نزاعات مسلحة مماثلة.. فمن من أصحاب المنازل التي إنهارت بالكامل لديه القدرة المالية لإعادة بناء منزله من جديد في ظل الإرتفاع الفاحش لأسعار مواد البناء، صراحة المواطن لا يملك سعر طوبة واحدة ناهيكم عن بناء منزله بأكمله.. وكان على الوزارة ممثلة في الإدارة العامة للمباني والجهات الرقابية ذات الصلة، ان ترسل أتيامها لمغالق مواد البناء للوقوف على كمية (الجشع المسعور) الذي أصاب تجار مواد البناء ورفعهم لأسعار الطوب والأسمنت والسيخ والطلاء بأسعار فاحشة غير واقعية.
إحتراق منزل:
مواطن من الخرطوم بحري، حي المزاد جنوب، قال بنبرة غاضبة نوعا ما: أثناء تحرير حي المزاد من قبضة المليشيا المتمردة إحترق منزلي تماما وأصبح غير قابل للسكن، وكنت أنتظر مع غيري من المتضررين أن يتم تعويضنا عن منازلنا التي إحترقت او إنهارت بسبب القصف، فالمواطن لا ناقة له ولا جمل في دمار او إحتراق منزله.. وكما علمنا هناك بعض الدول الصديقة أبدت إستعدادها لإعادة إعمار الخرطوم، فلماذا لا تخصص الدولة جزءا من هذه التبرعات الدولية لأصحاب المنازل خاصة تلك التي تعرضت للدمار والإنهيار الكامل جراء القصف بالمدافع والمسيرات.. حقيقة كنا في إنتظار مثل هذا القرار من الدولة السودانية ممثلة في وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم، او من البنك العقاري حتى ولو بتخصيص سلفية بناء للمنازل الأكثر تضررا تسدد بأقساط شهرية مناسبة تتناسب مع أوضاع المواطنين (الصعبة) والذين فقدوا كل مدخراتهم وممتلكاتهم من أثاثات وسيارات وغيرها، وبعض الذين عادوا لمنازلهم بأحياء العاصمة المختلفة وجدوها (على البلاط)، وكثيرون لم يستطيعوا شراء مرتبة واحدة فكيف يعيدون بناء منازلهم بالكامل في ظل الإرتفاع (الجنوني) الذي يشهده سوق مواد البناء حاليا بالخرطوم؟.
تجار مواد البناء:
تجار مواد البناء من أصحاب المغالق نفوا نفيا قاطعا تسببهم في إرتفاع مواد البناء، مستنكرين وصف بعض المواطنين لهم بالجشع.. مشيرين أنهم أيضا تضرروا من الحرب كغيرهم من المواطنين وبعضهم تضررت منازلهم ونهبت بواسطة المليشيا، بل ان بعضهم فقدوا رؤوس أموالهم وتعرضوا لخسائر بمليارات الدولارات بعد نهب وتفريغ مغالقهم بواسطة المليشيا، بحيث أنهم لم يجدوا داخلها ولو مسمارا واحدا.. وعزوا ارتفاع أسعار مواد البناء لتدهور قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار، والذي إنخفضت قيمته الشرائية كثيرا وبوتيرة سريعة كأحد تداعيات الحرب.. وقالوا: نحن نقدر الأوضاع القاسية التي يمر بها المواطن الأن بسبب الحرب، ولكن على المواطنين عدم جعلنا (شماعة) وسببا لإرتفاع أسعار مواد البناء
وزارة التخطيط:
القرار موضوع التحقيق الصحفي، كما أشرنا أصدرته الإدارة العامة للمباني بوزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم، بتوقيع مدير الإدارة المهندس إبراهيم آدم محمد، ولتعميم الفائدة نعيد نشره هنا:
تنوه الإدارة المواطنين الكرام وكل العاملين في قطاع الإنشاءات والتشييد: (شركات ــ مهندسين ــ مقاولين….إلخ)، بعدم البدء في أي أعمال للمباني الخاصة والعامة المتأثرة والمتضررة من الحرب: (هدم وإزالة ــ صيانة ــ ترميم ــ إعادة تأهيل…. إلخ)، قبل الرجوع للإدارة وذلك لعمل التقييم الفني لها لضمان السلامة العامة وعمل الإجراء اللازم.. وكل من يخالف ذلك يعرض نفسه للمساءلة القانونية وفق ما تنص عليه قوانين ولوائح تنظيم البناء.. وذلك بموقع رئاسة الإدارة العامة للمباني ــ بالخرطوم ــ المجاهدين ــ شرق النيل ــ جامعة افريقيا العالمية ــ جنوب شركة دال.
م. إبراهيم آدم محمد – مدير الإدارة العامة للمباني- وزارة التخطيط والتنمية العمرانية بولاية الخرطوم.
لا رسوم:
عدد من المواطنين من أصحاب المنازل المتضررة والمتأثرة من الحرب بالأحياء المختلفة بولاية الخرطوم، والذين إستطلعناهم في سياق هذا التحقيق الصحفي، ثمنوا على القرار بان الهدف منه حفظ سلامة منازلهم وبالتالي حفظ أرواحهم، لكنهم في نفس الوقت أبدوا تخوفهم ان يكون القرار يهدف لفرض رسوم على أصحاب المنازل التي ستخضع للتقييم الفني من جانب الإدارة العامة للمباني.. لكن مدير عام وزارة التخطيط العمراني بولاية الخرطوم المهندسة، وجدان إبراهيم، تنفي أي فرض للرسوم، بقولها:
الهدف من القرار سلامة المواطنين وأرواحهم، وننفي ان يكون هدف القرار تحصيل الرسوم المالية من المتضررين، وأؤكد ان كل الإجراءات مجانية وبدون أي رسوم.. والقرار شامل لجميع أنواع المباني السكنية والتجارية التي تعرضت للهدم الكلي او الجزئي، او الحريق، ولا يشمل عمليات الصيانة الخفيفة مثل أعمال النقاشة الخارجية والداخلية، والدهانات.. ولتنفيذ التوجيه شكلنا 11 فريقا لجميع محليات ولاية الخرطوم.
الحلقة القادمة:
*مدير الهيئة الإستشارية جامعة الخرطوم:
ــ غالبية الأضرار طفيفة او سطحية يمكن التعامل معها بواسطة مقاولين مؤهلين او مهندسين خريجين دون الحاجة لإجراءات مطولة من الإدارة العامة للمباني.
ــ على حكومة ولاية الخرطوم تسهيل عودة السكان لمنازلهم لا تعقيد الأمر بإجراءات بيروقراطية وتكاليف إضافية.
ــ بعض المباني تحتاج لإختبارات وتقييمات هندسية دقيقة ومتقدمة وتتطلب فرقا فنية ومعدات متخصصة لا تتوفر لدى إدارة المباني.