المقبرة التي (هلك) على تخومها قيادات المليشيا  معارك الفاشر… أنموذج ينتظر التطبيق في كثير من المحاور

 

 

تقرير – أحمد عمر خوجلي:

 

تعتبر مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور هي الحصن الحصين القوي أمام عدوان مجموعات مليشيا الدعم السريع، وهي الصخرة التي تكسرت عليها أكثر من ثلاثة وثلاثين هجمة حاولت اختراقها ، وهي المقبرة التي لقي على تخومها العشرات من القيادات المرموقة من نخبة المليشيا والآلاف من جنود هذه المليشيا من المرتزقة المحليين والعابرين للحدود ،حتفهم، و هي المنجم الذي منح مجموعة هذه القوى المتماسكة لصد العدوان مخزون هائل من المعنويات والشعور بالعزة والكرامة وكذلك أعداد من المركبات العسكرية والأسلحة وغير ذلك من الغنائم .

فما حقيقة هذه الصورة الزاهية التي رسمتها مجموعة القوات الحارسة لهذه المدينة من قوات مسلحة وحركات الكفاح والمقاومة الشعبية والمجموعات الشبابية وجموع المواطنين ؟

جنود الملحمة :

 

مجموعة من أبناء السودان في القوات المسلحة السودانية وفي حركات الكفاح المسلح والقوات النظامية الأخرى فضلا عن شباب المقاومة الشعبية والمواطنين ، من خلفهم جنود منظمات المجتمع المدني من الكوادر الطبية وأصحاب المبادرات المختلفة، كل هؤلاء هم جنود ملحمة الفاشر، وهم من صدوا هجمات مليشيا الدعم السريع المتكررة على المدينة ، والنجاحات التي تحققت اعتمدت على ميزة اجتماع أهل الأرض والتاريخ من أبناء الفاشر حول مدينتهم وتعاونهم على حراستها وحمايتها من الغزاة الطامعين من مرتزقة المليشيا ، هم الآن يقفون على قلب رجل واحد وإن تنوعت اوعيتهم ووجهاتهم ومؤسساتهم، ولا ننسى أن المئات من الأجسام التي باعت قضية مواطنيها في دارفور وتحولت إلى ذراع يعمل لصالح رعاة المليشيا قد سارعوا بالمشاركة في حرب غزاة المليشيا ولم ينتظروا لا وعود ولا بحث عن مغانم .

 

استهداف الجميع :

 

ولعل التماسك الشعبي الشامل ضد المليشيا هو الذي قادها إلى الانتقام من المواطنين من خلال القصف المتواصل، فقد اشار تقرير اصدره المجتمع المدني قبل اسابيع إلى أن المليشيا استهدفت في الفترة الآخيرة بالفاشر مركز صحي بابكر نهار – وهو مستشفى بديل للأطفال بعد أن حولت المليشيا مستشفى الأطفال لثكنة عسكرية منذ أوائل أيام الحرب ، والمستشفى الجنوبي ، جبل مرة ، نبض الحياة ، إقرأ ، مركز غسيل الكلى والمركز الإفريقي ، كما استهدفت مدفعية المليشيا بالقصف المدفعي المستشفى التخصصي لأمراض النساء والتوليد ( السعودي) وكذلك مركز صحي معسكر ابو شوك.

وأشار التقرير إلى استهداف مؤسسات علاجية أخرى كمركز صحي الزهراء والمستشفى التعليمي ، التأمين الصحي و مركز صحي أحمد حسن .

 

الانتقام أحد الأسباب:

 

صحيح ان المليشيا ومرتزقتها لا قضية لهم سوى جمع الغنائم، وهي الهدف المحرك لجنودها في دخول القرى والمدن ومنازل المواطنين ، لذلك تتجدد الهجومات ويموت جنود المليشيا على أسوار المدينة مع كل هجوم بالمئات طمعا في الغنائم وفي ممتلكات المواطنين وهي القضية التي يعرفها جنود المليشيا ولا يعرفون قضية سواها، ويأتي الانتقام كأحد الأسباب التي تجعل المليشيا حريصة على اختطاف مدينة الفاشر لأن في معاركها المتواصلة لقت مجموعة من كبار قادتها من النخبة مصرعهم ، فأصبح الثأر لهم محركا إضافيا مع الحصول على المنهوبات وممتلكات المواطنين .

 

فصل دارفور:

 

قادة المليشيا ومستشاروها ظلوا على الدوام يربطون الهجوم على الفاشر بكثير من الأوهام واثبات احقيتهم بالنصر بالقدرة العسكرية فضلا عن أكاذيب جلب الديمقراطية والعدالة ، ولكن الأمر في حقيقته هو البحث عن مغانم من نواع آخر هو نيل رضا الداعمين والمانحين لها بالأموال والسلاح.

مبعوث الولايات المتحدة (توم بيرلو) حاول استعجال المليشيا لدخول الفاشر وأهداء المليشيا فكرة فصل دارفور وتكوين حكومة خاصة بها عاصمتها الفاشر ، أو كما قال لـ (البي بي سي) وهو يلبس ثياب الحريص والمحذر .

 

الفاشر النموذج المشرق :

 

الانتصارات والنجاحات الكبيرة التي حققتها الجبهة السوادنية الواسعة التي تحرس الفاشر ومواطنيها وتصد هجمات المليشيا وتلحق بها الخسائر الكبرى ، هي من اكبر براهين فوائد الالتحام الشعبي والتماسك الوطني لإنجاح معركة الكرامة وهزيمة مليشيا الدعم السريع ، فالذي يحدث في فاشر السلطان هو أنموذج ينتظر التطبيق في كثير من المحاور التي يقاتل ويقاوم فيها السودان عبر التشكيلات العسكرية والشعبية المختلفة هذه المليشيا ، وهو درس حي يؤكد أن الوحدة والتماسك هي جواز المرور لسودان واحد آمن مستقر، وإلى ضمان مرور قيادات المليشيا وجنودها والمتعاونون معها إلى السماء ذات البروج .