سفير السودان في تركيا: حكومة الدعم السريع “خيالية” وتفتقر للشرعية

– أي اعتراف بحكومة “الدعم السريع” سيعد عملا عدائيا ضد السودان
– غياب الدعم الخارجي قد يدفع قوات “الدعم السريع” إلى الانسحاب ويعيد الاستقرار ووحدة البلاد
– الحصار على الفاشر أدى إلى صعوبات في الحصول على الغذاء والدواء وتدهور الأوضاع المعيشية
وصف سفير السودان لدى أنقرة، نادر يوسف الطيب، الحكومة الموازية التي أعلنت مليشيا “الدعم السريع” تشكيلها مؤخرا بأنها “حكومة خيالية” تفتقر إلى الشرعية والكفاءة، مؤكدا أن أي اعتراف بها سيعد عملا عدائيا ضد الخرطوم.
وقال الطيب، في مقابلة مع الأناضول، إن هناك تقارير دولية توثق الجرائم التي ارتكبتها مليشيا “الدعم السريع”، وأن إعلان الحكومة الموازية ما هو إلا محاولة لإظهار “نحن ما زلنا هنا”، لكنه قرار خاطئ.
وفي 27 يوليو الماضي، أعلن “التحالف السوداني التأسيسي” تشكيل مجلس رئاسي لحكومة برئاسة قائد مليشيا “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وعبد العزيز الحلو نائبا له، فيما جرى اختيار محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، وهو ما أدانته الحكومة والجيش السوداني ووصفاه بـ”الحكومة الوهمية”.
انتقاد لموقف كينيا
واتهم السفير السوداني الجهات الداعمة للمليشيا بالسعي لتقسيم السودان، محذرا من خطورة هذا التوجه ومن الدعاية التي تروج لوجود “حكومتين” في البلاد.
وأكد الطيب أن أي اعتراف بهذه الحكومة الموازية سيعتبر موقفا عدائيا، قائلا: “لن نظهر المزيد من التسامح، وللأسف كانت كينيا أول من استضاف اجتماعا بشأن هذه الحكومة وقدمت لها الدعم، لكننا لن نقبل بذلك بعد الآن وسنواجه أي خطوة تهدد وحدة واستقرار السودان”.
والاثنين، قالت الخارجية السودانية في بيان، إنها تملك وثائق ومستندات تثبت تورط مرتزقة من كولومبيا وبعض دول الجوار في القتال بجانب المليشيا.
وفي 22 فبراير، اتهمت الخارجية السودانية الرئاسة الكينية بـ”احتضان وتشجيع مؤامرة” لتأسيس حكومة تابعة لقوات “الدعم السريع”.
وطالب السودان كينيا بالتراجع عن ما وصفه بـ”التوجه الخطير” الذي يهدد السلم والأمن في الإقليم، ويشجع على الإرهاب والإبادة الجماعية.
وفي مواجهة هذه الاتهامات آنذاك، أصدر وزير الخارجية الكيني موساليا مودافادي، بيانا شدد فيه على أن هدف بلاده من استضافة تلك الاجتماعات هو “تسريع وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق سياسي بين الأطراف السودانية”.
دعم إقليمي لرفض الحكومة الموازية
وأشار السفير إلى أن الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية وعددا من الدول أدانوا ورفضوا هذه الحكومة، معتبرا أن إعلانها لن يكون له أي أثر على الأرض.
وأوضح أن الشعب السوداني لن يقبل بمشاركة هذه القوات في الحكم، داعيا المجتمع الدولي إلى إدانة “الدعم السريع”.
وأكد أن غياب الدعم الخارجي قد يدفع هذه القوات إلى الانسحاب ويعيد الاستقرار ووحدة البلاد.
تقدم الجيش السوداني وخسائر “الدعم السريع”
وفي حديثه عن عمل الجيش السوداني، قال الطيب إنه يحقق تقدما في مختلف الجبهات، مشيرا إلى أن إسقاط طائرة تقل “مرتزقة كولومبيين” في مدينة نيالا (غرب) شكل صدمة كبيرةللمليشيا وحلفائها، الذين يواجهون خسائر متزايدة وانقسامات داخلية.
وأوضح أن المليشيا تهاجم القرى الصغيرة التي لا يتواجد فيها الجيش، فتدمر البنية التحتية ومصادر المياه والكهرباء وتنهب المنازل، مشيرا إلى فشلها في حصار مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور منذ عامين بفضل صمود الجيش والمدنيين.
حصار الفاشر
ولفت إلى أن الحصار على الفاشر أدى إلى صعوبات في الحصول على الغذاء والدواء وتدهور الأوضاع المعيشية وأن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة عاجزة عن الوصول إلى المنطقة.
ودعا الطيب المليشيا إلى احترام حقوق الإنسان والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى من يعانون الجوع، مشبها الوضع في الفاشر بما يحدث في غزة تحت الحصار الإسرائيلي، حيث يحرم المواطنين من الغذاء والدواء.
وأضاف أن الأمم المتحدة أصدرت بيانات قوية بشأن الفاشر، لكنها لم تتخذ أي خطوات فعلية، مؤكدا أن التدخل الميداني قد يجبر المليشيا على الانسحاب من المدينة أو على الأقل رفع الحصار عنها.
والثلاثاء، حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن العائلات المحاصرة داخل مدينة الفاشر “تواجه خطر المجاعة”.
ومنذ 10 مايو 2024، تشهد الفاشر، اشتباكات بين قوات الجيش و”الدعم السريع”، رغم تحذيرات دولية من تداعيات المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وفي 3 أغسطس 2024، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر.
تحسن أمني في الخرطوم
وتحدث الطيب عن تحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة الخرطوم وعودة أكثر من مليون مواطن إليها من الداخل والخارج، إلى جانب تحسن خدمات المياه والكهرباء وبدء عودة مؤسسات الدولة.
وأشار الطيب إلى أن تحسن الوضع الأمني من شأنه أن يسمح بإعادة تشغيل المطار قريبا.
كما أشار إلى تشكيل رئيس الوزراء كامل إدريس “حكومة الأمل” التي بدأت عملها بالفعل وتحظى بتفاؤل واسع لدى السودانيين، آملا أن تحقق السلام والتنمية.
وقال: “معظم السودانيين سعداء ومتفائلون، ويتطلعون إلى أن تواصل الحكومة الجديدة أداء مهامها”، مؤكدا أن رئيس الوزراء يسعى لحل المشكلات مستفيدا من خبراته وعلاقاته.
وفي 19 يونيو ان الماضي، أعلن إدريس ملامح ما سماها “حكومة الأمل”، موضحا أنها ستتألف من 22 وزارة، وذلك بعد حل الحكومة السابقة مطلع الشهر نفسه، وشرع في تعيين وزرائه على دفعات.
ويخوض الجيش بقيادة البرهان و”قوات الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دلقو “حميدتي” حربا ضارية منذ أبريل 2023.
وأسفرت الحرب عن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون لاجئ ونازح، وفق الأمم المتحدة وسلطات محلية، بينما قدّرت دراسة لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.