عاصمة بمواصفات جديدة.. الممكن والمستحيل

تقرير- الطيب عباس:
كشفت وزارة الثقافة والاعلام، عن مشروع تخطيط جديد للعاصمة الخرطوم وشارع النيل، مؤكدة أن المشروع سينفذ وفق معايير عالمية.
وليل الخميس، أعلن رئيس الوزراء كامل إدريس في لقاء مع الصحفيين في منزل سفير السودان بالقاهرة، أن حكومته ستعود للخرطوم قبل أكتوبر المقبل، موضحا أن الوزارات لن تعود إليها وسيتم إعادة تخطيطها وكذلك شارع النيل بأحدث الخطط والأنظمة العالمية المتطورة.
جاءت هذه التصريحات بعد قرار لجنة تهئية ولاية الخرطوم برئاسة عضو مجلس السيادة، الفريق إبراهيم جابر، بوقف أعمال الصيانة وإعادة تأهيل المؤسسات الحكومية الاتحادية، سيما المطلة على شارع النيل.
وأكدت مصادر تحدثت لصحيفة (أصداء سودانية) أن قرار لجنة تهئية ولاية الخرطوم، سبقه توافق حكومي على نقل مقار الوزارات والهيئات الرسمية إلى مجمع أكاديمية الأمن بمنطقة سوبا جنوبي الخرطوم، كحل مؤقت يهدف إلى تخفيف الضغط عن وسط المدينة وتقليل الحاجة إلى صيانة المباني المتضررة هناك, على أن تستفيد الحكومة من إعادة توجيه الميزانيات المخصصة للصيانة نحو تأهيل خدمات الكهرباء والمياه، وهما خدمتان حيويتان تعانيان من شلل شبه كامل في أجزاء واسعة من العاصمة.
تصريحات وزارة الاعلام، أمس الأحد، عن مشروع تخطيط جديد للعاصمة الخرطوم وشارع النيل، بدد مخاوف المواطنين عقب قرار وقف صيانة المؤسسات الحكومية، واعتبر مراقبون أن القرار أحدث ربكة وسط المواطنين، فبينما تطالبهم الدولة بالعودة للعاصمة الخرطوم تقوم من جهة أخرى بوقف صيانة المؤسسات الحكومية، لكن تصريحات وزارة الإعلام بحسب مراقبين بدت مطمئنة وتشير إلى أن الدولة تخطط وتفكر، وهو ما بدأ مطمئنا للمواطنين الذين حضروا للعاصمة الخرطوم بالفعل والذين يفكرون في العودةإلى الخرطوم وترددوا بعد تصريحات الفريق جابر .
فكرة قديمة:
الحديث عن تخطيط الخرطوم ونقل الوزارات من أماكنها بشارع النيل، وتحويلها لمناطق جذب سياحي، ليست وليدة اللحظة، وإنما هي خطط قديمة فشلت الحكومات السابقة في ترجمتها بسبب عوامل متداخلة.
ففي 2013، قال والي الخرطوم، الأسبق، عبد الرحمن الخضر، إن الحكومة ستبدأ فورا في ترتيب نقل الوزارات الاتحادية والولائية من حرم شارع النيل بالخرطوم، إلى مواقع بديلة، وأشار إلى إن النيل ليس ملكاً للحكومة وإنما للمواطن باعتباره محلاً للتنزه.
وفي العام نفسه، قدمت حكومة ولاية الخرطوم عبر مجلس التخطيط الاستراتيجي هيكلا مقترحا يقضي بإفراغ منطقة وسط الخرطوم وشارع النيل من المؤسسات الحكومية ونقلها لمنطقة سوبا جنوب الخرطوم، لكن الهيكل المقترح تحول لطئ النسيان هو الآخر.
لكن مراقبون يرون أن الفرصة الآن مثالية لتنفيذ هذه الخطط، سيما وأن صيانة هذه المقرات ستكون مكلفة لدولة لا تزال ترزخ تحت نيران حرب إقليمية، كما أن تحويل شارع النيل لمنطقة جذب سياحي سيدر عائدا مقدرا للدولة حال أحسنت اسخدامه.
صعوبات وتحديات:
تواجه خطة تحويل العاصمة لوجهة سياحية، عراقيل عديدة، أبرزها التمويل اللازم لتنفيذ الخطوة وفق معايير عالمية، ويقول الخبير الاقتصادي، دكتور الفاضل حسن، إن الحكومة قد تلجأ في المرحلة الأولى لصيانة مؤسسات الحكومة في سوبا، ومن ثم التفرغ لتطوير منطقة وسط الخرطوم، مشيرا إلى أهمية الخطوة، واعتبرها ضرورة لا بد منها، لكنها أقر بصعوبات العثور على جهة تمول هذه الخطوة التي وصفها بالطموحة في ظل مخاوف مرتبطة بدولة لا تزال خارجة من حالة حرب.
واعتبر حسن، أنه في المدى الطويل، فإن المنطقة ستكون أحد روافد الميزانية، حال تمت إعادة تخطيطها بشكل إستثماري حرفي ومهني مع مراعاة المعايير العالمية، معتبرا أن قرار نقل الوزارات من شارع النيل خطوة تأخرت كثيرا.
وحسب متابعات الصحيفة، فإن المنطقة المعنية بالتخطيط، تشمل أكبر من منطقة وسط الخرطوم، حيث تضم الشريط على النيل من جسر كوبر وحتى جسر الفتيحاب، وهى مناطق تتبع بالكامل للحكومة، ذلك بجانب مبنى الوزارات في شارعي النيل والجامعة من وزارة الخارجية وحتى قاعة الصداقة.
ويرجح خبراء أن تمنح الحكومة هذه المنطقة بالكامل لشركات داخل وخارج السودان بنظام “البوت”، متوقعين أن تحقق هذه الطريقة فائدة مثلى للسودان وتحول الخرطوم لمدينة سياحية بالدرجة الأولى.