سهرنا الليل وكمّلنا ..(استطلاع مع اعلاميين سهرانين)
أنا ما زول سهر، بل وأحب الليل جدا لأنه يتيح لي فرصة النوم وأحيانا الأحلام السعيدة.. السهر يشبه عندي المرض..لكنني ومنذ فبراير 2023م حينما جئت للقاهرة في زيارة لأسرتي الصغيرة وتمضية رمضان معهم ثم العودة ظهرت أعراض السهر.. ثم لمّا قامت الحرب وتحولنا من مقيمين_ رغم بطاقة الإقامة_الى لاجئين بالإحساس فإذا بنا ندخل في عالم السهر الجد جد.. سيدة بيتنا يوميا نسمع منها محاضرة في ذم السهر أو في ما يسببه من مخاطر صحيةوالغريب أنها تساهر لكنها تحمّلنا والأولاد و(الواي فاي) ذنب سهرها..ولسان حالنا يردد ( لكن ليل “اللاجئين”طويل )..
قلت لأستطلع في سلسلة عن السهر.. خاصة لمن هاجر .. قلت لأبدأ بمن جاءوا الى مصر لاجئين من الحرب..
صديقي الفنان التشكيلي خالد عوض والذي هو بالمناسبة مصمم هذا الملف وملف الجمعة(أصداء الملاعب) قال (أنه ينام بعد العاشرة صباحا ويستيقظ بعد الثانية ظهرا).. حسبناها لقينا إنها حوالى أربع ساعات.. تفاجأت لتفاجئ خالد بعدد ساعات نومه..وذهبت بأسئلتي لمن انتخبتهم لهذه الحلقة من السلسلة..
ساهر بيهم/ خليفة حسن بلة
* (أنا صديق وفي للسهر، وقد تزاملنا أنا والسهر سنوات طويلة بحكم المهنة)
بهذا بدأ الأستاذ محمد عبدالقادر رئيس تحرير (الكرامة) رده على أسئلتي في شأن السهر.. كان قبلها وبعد أن شرحت له فكرتي: يا أستاذ محمد أنا راغب في استطلاعك .
* قال بترحابه الدائم : أبشر ..
قلت له والساعة قد تجاوزت الثانية صباحا: أنا شغال على السهر وداير أبدأ السلسلة دي بالصحفيين ..
* قال بضحكة: أوعا تسميهو سهر الجداد ..
وضحكنا.. واستجاب وأجاب على أسئلتي مثلما فعل زملاء أفاضل منهم الأستاذ بخاري بشير رئيس تحرير “الانتباهة” و “السودان الآن الإلكترونية”الذي جزم:
( كل مشتغل بالعمل الإعلامي هو من ناس السهر ) وهو ذات ما أفاد به محمد عبدالقادر حينما أضاف:
( يعتبر السهر من مكملات شخصية الصحفي باعتبار ان نجاحك فى المهنة يستوجب أن تكون مستيقظا حتى الساعات الأولى من الصباح )..
محمد وحسب ما قال أنه ومنذ 25 سنة ما نام بالليل..( لا اتذكر إنني وضعت رأسي على المخدة قبل أن اصلى الفجر حاضرا )، محمد عبد القادر اختتم حديثه في هذا المحور بجملة مينشيت 🙁 باختصار يا خليفة أنا حياتي “سهرة” طويلة )، ينافسه في هذا السهر الطويل عبود عبدالرحيم الخليفة الذي بدأ عمله في عالم الصحافة في شركة توزيع قبل أن ينتقل لأخبار اليوم والتي تنقل فيها الى أن وصل الى مواقع قيادية حيث السهر الجد.. قال عبود: ( أخبار اليوم منذ تأسيسها في 1994 استمتعنا فيها بالعمل ليلا والسهر في انتظار الأخبار الخاصة والمميزة التي كنا ننفرد بها، لذلك يمكنني القول انني ظللت مساهرا لأكثر من 25 عاما متواصلة ).
* سألت من عملوا في الصحافة الورقية ثم الآن يديرون صحافة إلكترونية: عن هل هناك اختلاف في السهر بينهما؟
* قال بخاري بشير رئيس تحرير “السودان الآن الإلكترونية”: ( الصحافة الإلكترونية يجب أن تكون صاحية على مدار اليوم، وكل ساعاته ولحظاته، تتابع الخبر، وتقوم بنشره في دائرتها- وكلما كان الموقع أو الصحيفة “مساهرة” يكون لديها الأفضلية عند القراء أو زوار المواقع الإلكترونية ).
صديقنا المخرج النلفزيوني ورئيس تحرير “Brown land” الالكترونية وبالانجليزية قال:( إن متابعة الأخبار و ردود الافعال العالمية و المحلية و قراءة الرأي العام بالتحديد في دول الجنوب العالمي مع الأخذ في الاعتبار فارق التوقيت مع دول الجنوب العالمي تفرض علينا السهر “بدوام كامل”)
عبود الخليفة رئيس تحرير المقرن الإلكترونية يساهرون أيضا والسبب كما قال 🙁 رغم أن عملية تصميمها تتم قبل منتصف الليل لكننا نساهر بغرض التوزيع على المواقع والمنصات والقروبات ومتابعة التعليقات حولها للاستفادة من الملاحظات ).
اختصر محمد عبد القادر اجابته في 🙁 أنا غايتو الكرامة مساهرة بي شديد )..
المخرج والممثل ومقدم البرامج والأستاذ بالجامعات السودانية د. أبوبكر الشيخ قال أنه يفضل العمل ليلا لانجاز مونتاج أعماله، قال لي 🙁 كنت في السودان لو ماشغال بنوم من 10 مساء ..)
سألته: وماذا عن مواعيد نومك في مصر؟
* قال: ( هنا في مصر بنوم 6 صباحا دا العادي ).. رد د. أبو بكر ذهبت به للآخرين لأعرف عن نظام النوم في مصر، محمد عبدالقادر قال مباشرة: (فى مصر مافى نوم يتساوى.. في ذلك الصحفيون وأعداد مقدرة من السودانيين ) وأضاف: ( القاهرة نفسها لا تنام، مدينة مصممة على الليل والسهر ) وهذا أيضا ما مضى إليه بخاري بشير إذ قال 🙁 منذ أن وصلنا مصر وجدنا أن مدنها لا تنام، وكمثال القاهرة، تكون نشطة وحية حتى ساعات الصباح الأولى هذا بالتأكيد له تأثير على طريقة النوم) وأضاف: ( غالب السودانيين حتى غير المشتغلين بالإعلام أو الصحافة الإلكترونية تجدهم من رواد السهر، ونادرا ما يخلدوا إلى النوم في الوقت المعلوم)
، يوافقهما محمد سعد في أن مصر دولة ليلية ( فالحياة هنا تبدأ عادة بعد منتصف الظهيرة و تستمر الى ما بعد منتصف الليل و لذا لزم علينا التعود عليها) لكنه مع ذلك يرى أن من “ينوم” بشكل طبيعي في هذه الفترة عليه مراجعة الطبيب النفسي!!.. وهذا تبريره : ( افتكر انو البقدر ينوم بعد الحرب الحصلت في السودان حقو يراجع طبيب نفسي لانو الفظائع الحصلت في السودان يستحيل أن تتعود عليها و تكون إنسان عادي زي زمان وتنوم عادي زي زمان ..)
وعن اختلاف سهر السودان عن سهر مصر قال محمد عبد القادر أن الفرق كبير 🙁 فى السودان السهر خالي من كلسترول التوتر والتفكير فى البلد والظروف ومآلات الحال، سهر مصر مشوب بالقلق ومسكون بالأسئلة والأسى وإحساس الفقد الدائم )
عبود الخليفة في بيانه للفرق بين “السهرين” أوضح أن السهر في السودان ليس ثقافة عامة ولكنه يعتمد على بعض المهن ومن بينها الصحافة..
وهو نفس ما قال به بخاري:( السودان بطبع تكوينه الاجتماعي كل الاحداث فيه مرتبطة بالدوام الرسمي، وحتى الأنشطة الاجتماعية والثقافية الليلية كلها لا تتجاوز ساعات السهر أو ما نطلق عليه سهر.. مدن السودان تنام باكرا )..
* وماذا عن نوع سهر مصر؟
* قال د. أبوبكر الشيخ:( مصر جاطت برنامج نوم كل السودانيين فاصبحوا ينومون خمسة صباحا ويصحون خمسة مساءا وتغير النظام تماما لكل أفراد الأسرة)
* قال عبود: ( في مصر الناس كائنات ليلية! حتى الزيارات الاجتماعية والخاصة بالعمل تتتم برمجتها مساء )
* وقال بخاري:( كثير من الناس يخلد إلى الفراش ربما في ساعات الفجر ، وبعد أداء صلاة الفجر، حتى الأطفال تعودوا على ذلك )..
* مرة أخرى صوت سيدة بيتنا تسأل بما يشبه التنبيه بنبرة حادة: (يا زول شايف الساعة عندك كم؟) كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة صباحا صحت (لا حول ولا قوة الا بالله.. ما قايل الوقت مشى كدة)عملت فيها متفاجئ.. ويبدو أنها لم تصدقني.. قلت لأختتم هذا الجزء بسؤال أخير: هل تقاومون السهر أم تستسلمون ؟
* عبود الخليفة:( استسلم تماما في معظم الاحيان ، لان السهر عندي يرتبط بانجاز عمل صحفي مثل النشر الالكتروني وتوزيع الصفحات ومتابعة الاخبار والاحداث )
د. أبوبكر الشيخ: ( طبعا بستسلم له مجبر أخاك لا بطل .. لكن والله بصحا زي الزول الداقينوا )
محمد عبد القادر: ( السهر فى مصر جزء من روتين الحياة اليومي وليس حالة، فمثلما انك تاكل وتشرب وتتنفس فانك تساهر )
بخاري بشير:( تعودنا يا صديقي..وزي الحاصل معاك الآن كثيرا ما نتونس أو نتناقش مع بعض زملائنا في أوقات متأخرة.. حتى أسرنا تعودت على هذا السلوك، بحكم العمل )
قلت له ضاحكا: ( بيني وبينك كدة هل الأسر تعودت وهي راضية )
ضحك وقال : (ربما وجدنا بعض العتاب من أفراد الاسرة، أن لجسمك عليك حق )
المخرج محمد سعد عدم مقاومته جاءت في تحميل كائنات وأسباب أخرى لسهره : ( حتي عندما أشعر بالنعاس تهاجمني افكار و صور و ذكريات تقلق نومي و تجعل من التوتر رفيقي الليلي )
ونختتم بنصيحة ودعوة قدمها بخاري بشير في ختام حديثه معي وأظنه أراد أن ينبهني الى ان زمن نومه قد حان قال ناصحا:( نتمنى للمشتغلين بصاحبة الجلالة أن يوازنوا بين عملهم وصحتهم، لا أن يكون العمل والسهر على حساب الصحة.. ونتمنى لهم دوام العافية ).
الصحة والعافية وتعارضهما مع السهر سيكون محور حديثي مع مساهرين وأطباء واختصاصيي علم نفس واجتماع.. سأستثمر سهر صديقنا المصمم الفنان خالد عوض ليكمل سهرته في انجازه هذا الاستطلاع..
ونواصل بإذن الله..