أصداء سودانية في جولة أمدرمانية

 

    • شارع الوادي يحمل في باطنه قصص وحكايات دامية للمليشيا المتمردة
    • الحياة تمضي نحو الانتصار و(المغالق) محملة بكل احتياجات الإعمار
    • الجنود في غدوهم ورواحهم ترتسم على وجوههم انفاس الانتصارات
    • أصوات الباعة و(ازيز) المدافع تتداخل في أجواء أم درمان
    • شارع النص والشنقيطي الأشياء تتشابه والأوضاع تتفاوت

 

أم درمان – فريق عمل أصداء سودانية :

الحياة طبيعية جدا أصوات الباعة المتجولين والثابتين مستخدمي مكبر الصوت حالة من التفاعل التسويقي لأسعار الخضار واللحوم والبرتقال والمانجو، شعب لا يعرف الإنكسار ولا يعرف الخنوع ولا يعرف الخوف إليه سبيلا.

تدفق الحافلات:

الداخل إلى مدينة أم درمان يأتيه إحساس الحياة ونبضها وحراكها وصخبها وتفاعلها، إحساس العودة إلى الديار، إحساس جميل لا يدانيه إحساس إنه إحساس الأمن والأمان والرجوع لأيام زمان المحملة بالذكريات الصادقة النبيلة، إحساس العيش الهني واحساس الأسرة الكبيرة والأسرة الصغيرة ودف الحي والأهل العشيرة.
يتوالى تدفق الحافلات الصغيرة القادمة من الشمال والباصات الكبيرة المحملة بالركاب تحدوهم أحلام العودة، داخلة إلى جوف أم درمان الحبيبة محملة بالآمال العريضة المفعمة بالسكون والعيش الرغيد وبمشاعر متداخلة لم تخرج من الصدمة، والعائدون كلهم أمل بأن يصلوا ديارهم آمنين سالمين.

الكهرباء شغالة:

سألت احد القادمين قادم من أين أجابني من غير تركيز ومن غير انتباه ومن غير تفاعل من الدامر، وإلى أين، قال إلى بيتنا ببيت المال، الذين سبقونا قالوا خدمات المياه والكهرباء شغالة، وبعض المخابز والمحال التجارية على قلتها بدأت تعمل.

الحياة صاخبة:

واصلنا في صحيفة أصداء الجولة الأم درمانية بشارع الوادي من شارع النيل والذي يقع شرق أم درمان ، ويمتد من كبري الحلفايا شمالاً إلي السلاح الطبي جنوبا، وفي ظل هذه الحرب، أصبح حزاما أمنيا ، وحامية ممتدة، هنا يسكن النيل الأبيض ويحمل في باطنه قصص وحكايات دامية للمليشيا المتمردة التي لم تحدث ولا في العصور الوسطى، ، أما غربا يقع شارع الوادي ، فالحياة تبدو بين صاخبة ونشطة خاصة في الفترات المسائية، السيارات تنطلق والانوار تزين الطريق ، البعض يتسوق، والبعض الآخر يتمشى ، أسواق ملابس و صاغه فتحوا محلاتهم، ومحال الموبايلات تقدم خدمات البيع والصيانة مثل شركة سامسونج وبعض الشركات الأخرى، الحياة أكثر ازدهارا من إشارة مدينة النيل إلى لفة الواحد وعشرون، ومن أبرز السوبر ماركتات (ديزي هايبر) و(مول اليقين) و(برا دايز) و(المنسي) ، والسلع الاستهلاكية في وفرة واضحة وتنوع لكنها باهظة الثمن، والشاحنات تملأ الزمان والمكان محملة بالدقيق والسكر والبضائع الأخرى في نشاط محموم ومعظم المعاملات بنكك، ومن تحاويل خارجية والقليل منها ولائي ، والمخابز متعددة والخبز في متناول الأيدي إلا أن بعض المواطنين يخذلهم (جيبهم)، خاصة أن ظروف الناس صعبة ويعانون، لكن الشراء لا يتوقف، و القناعات أن هذه أمة لن تجوع بتكافلها ودعمها لبعضها البعض، قد يرهقهم الغلاء وترهقهم المشقة، لكنهم مسكونين باليقين وبالقناعات السامية النبيلة، وتظل منابع الخير وافرة وسبل الحياة مستمرة.

الخبز مجانا و(التكايا) متعددة:

لاحظت أصداء أن بعض عربات القوات المسلحة وجهاز المخابرات الوطني تدخل بعض دور الإيواء محملة ب(التكايا) النقالة،كذلك المنظمات الطوعية تعمل بهمة عبر (التكايا) وتوزيع المواد الغذائية وبعض الدواء دعما للمواطن، ولفت نظر (أصداء) مخبز بمدينة الروضة يوزع الخبز مجانا، و(منظمة النداء الإنساني) للأسر المتعففة لديها (تكية) بالحارة76، تسع (سبعة آلاف مواطن)، ووزعت منظمة (هيومان أبيل) ما يزيد عن الخمسة آلاف حقيبة صحية بمناطق مختلفة بامدرمان الكبرى، وهنالك مشاريع أخرى لها في بعض مدن البلاد الآمنة، كما أن هنالك (تكايا) متفرقة أبرزها تكية (فكة ريق) للزميل الصحفي عثمان الجندي التي تعمل منذ بداية الحرب كذلك تكية (ساهندا) وتكايا هنا وهناك تدل على عظمة هذا الشعب الكريم، هنالك دور إيواء متعددة إلا أن أصداء وقفت على دار بمدرسة مدينة الشاطي يشرف عليها ويديرها الأستاذ إبراهيم محمد طه تعمل بنظام دقيق وملتزمة بسياسات الإيواء.

أجواء الحرب وثقافتها:

الحياة تمضي بنسق واتساق نحو الانتصار الكبير والإستقرار الجميل، السيارات تتزود بالوقود، والمغالق محملة بكل احتياجات التصليح وإعمار ما دمرته الحرب، وحراك الناس تقتضيه الضرورة للتعايش مع الحرب، ودوي المدافع لا ينقطع وأصبح برنامجا طبيعيا راتبا حتى أصوات المدافع يميزها الصغار قبل الكبار، إنها أجواء الحرب وثقافتها وطقوسها.

شكرا مستشفى النو:

المستشفيات والمستوصفات والعيادات والمراكز الصحية تتمدد ليل نهار لخدمة المواطن، وإذا أخذنا مستشفى النو على سبيل المثال لا الحصر نجد ما يقوم به يفوق الوصف، يعمل فريق العمل بقيادة دكاترة مختصين ومساعديهم على رأسهم دكتور جمال ودكتور عامر وجنود مجهولين آخرين يعملون بهمة ومروة عالية، يعملون ليل نهار مسخرين كل خبرتهم وعلمهم للمرضى والمصابين في أرض المعارك و للبسطاء من أبناء هذا الوطن العزيز، أعمالهم تجعلك تقف محييا لهم لأنهم تركوا كل شي و نذروا أنفسهم خداما للوطن والمواطن ولجنودنا البواسل، شكرا لهم والشكر موصول لوزارة الصحة الاتحادية الولائية، ومنظمة أطباء بلا حدود، الولاية التي احتضنت هذا المستشفى، الشكر موصول للذين ساهموا ويسهموا في تشغيل هذا الصرح العظيم، فالحياة بين الطبيعية والتطلع لغد امن ،وصحة مستدامة.

وتتواصل المشاهد:

وفي جولتنا بشارع النص والشنقيطي ، الأشياء تتشابه، ولكن الأوضاع تتفاوت،والاحتياجات تختلف، أما أم درمان القديمه ،كانت بلا مياه بلا كهرباء ، فعادت خدمات المياه والكهرباء إلى كل أجزائها ، بجهود تكاد تكون خرافية َمن مهندسي وعمال الكهرباء والمياه الذين لم يغمض لهم جفن ومتابعة من حكومة الولاية على رأسها الوالي النشط ومسؤولية الاتيام التي تتابع وتواصل العمل دون كلل أو ملل، وهناك بعض الأسر عادت، والمتاجر بدأت تعمل وبعض المخابز، هنا وهناك وعلى قلتها تشعرك بالامن والأمان، بعض الأسر تعتمد على التكايا التي تقوم بعمل إنساني عظيم، وأسر تعتمد على التحاويل ، المواصلات ، تتمدد إلى ان تصل أواسط ام درمان والشهداء في نطاق نستطيع ان نقول انه فوق المتوسط ، حي العرضة تنقصه بعض الخدمات، وبه القليل من السكان، لكنهم في حالة تزايد يومي إلا أن امبده الحارة الأولي والجميعاب تعدادها السكاني أوفر حظا ، وفي ملمح آخر لفت انتبهنا لافتات عملاقة تزين شارع الوادي نفذتها المؤسسة التعاونية للقوات المسلحة على رأسها صورة رئيس مجلس السيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول ركن البرهان، وصور شهداء القوات المسلحة تجمل المكان، وصورة البروفسور على شمو وصور الوطنيين الخلص الذين قاتلوا بالكلمة وهم كثر ولكن على سبيل المثال لا الحصر الأستاذ خالد الأيسر، والأستاذ محمد محمد خير، والدكتور مزمل ابو القاسم والقايمة تطول.

سلة غذاء أم درمان:

وتجولت أصداء في الريف الشمالي أم درمان ، وتعرفت على العديد من الأحياء وهي مزيج بين الأحياء المدنية والعسكرية ، الأحياء المحازية للنيل أبرزها النوفلاب ، السروراب ، الشهيناب ، الجزيره اسلانج ، الوادي، الأبيض وغيرها ،هذا الريف يعتبر سلة غذاء أم درمان، ينتج الخضر والفاكهة، وتطور في فترة الحرب ، بالتخزين عبر الثلاجات، وأصبح يعتمد عليه كليا في الإنتاج الزراعي والحيواني، مضينا غرب الريف الشمالي بأم درمان ، فالإخضرار ليس له مثيل ،هو نادر الوجود، وتستشعر الوجود نفسه، تتوقع الصحراء ولكن كلما تتجه غربا تبهرك الطبيعة، ولاتستطيع قول أديبنا الطيب صالح، حين نظر لصحراء الشمال وقال(لا شئ غير شجر السيال الذي يقاوم الموت لأنه لا يسرف في الحياة)، فإن الله ضرب لنا مثلا في الجمال حين دخل صاحب البستان (جنته)، وفي ذلك وصفا واضحاً بأن الزرع جنه، فالدنيا جنة من الأشواك والإخضرار (يحد) الأشواك، ٱزرع لتدخل جنتك،وأعلم أنك ستجدها طالما سقيت.
ودع خيالك يقاوم متاريس الحصول على التقاوي والأسمدة ،فالأرض مازالت بكر، وأعجبني رأي الفقيد الاستاذ عوض عبدالجبار( أرضنا لو زرعت فيها أبره تقوم عتله ).
كان د. خالد عبدالرحيم منسق برامج علوم الزراعة ، يقف أمام نموذج لمشروع الزراعة المنزلية، وكان رائعا ومحفزا،ونشر ثقافة الزراعة على الاصائص تقتضي الإسراع. وفي كل زيارة ميدانية للمشاريع نستفرد بالاخ د، سر الختم فضل المولي وزير الزراعه والثروة الحيوانيه ونسأل ونتساءل ويقول أن بعض المشاريع الزراعية خارج الإنتاج بسبب الحرب، وينفي وجود المجاعة ويستند على المعايير، والتقارير المعتمدة.

ملمح الختام:

حركة الجنود في غدوهم ورواحهم ترتسم على وجوههم انفاس الانتصارات وجوه مرتوية بالعزم والعزيمة والإصرار النبيل لدحر العدو وواثقو الخطو يمشون، شباب في عنفوان شبابهم يذهبون للمعارك بحماس الأبطال ويعودون ملوحين بأصوات التهليل والتكبير و علامة بالانتصار، وفي تطوافنا لاحظنا أن المساجد تقنت في صلواتها داعية للقوات المسلحة بالنصر المؤزر فهذه امة موعودة بالنصر الكبير ولو بعد حين.