آخر الأخبار

السودان ومصر مصالح مشتركة وإرتباط وثيق

بعد .. و .. مسافة

مصطفى أبوالعزائم

 

‏‏‏‏*زيارة السيد رئيس مجلس السيادة الإنتقالي ، القائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان أمس الأربعاء الخامس عشر من أكتوبر الحالي إلى القاهرة ، رغم قصرها ، إلا أنها كانت ذات أبعاد سياسية واقتصادية وإجتماعية مهمة ، فاللقاء الذي تم بين الفريق أول ركن البرهان وبين الرئيس عبدالفتاح السيسي، جاء في وقت يشهد تحولات كبيرة على الأرض في المنطقة ، بإتفاق شرم الشيخ ، وتحولات كبيرة في السودان بعد الهزائم المتلاحقة التي منيت بها قوات التمرد ، منذ أن خرجت عن الدولة في الخامس عشر من أبريل 2023م.

*الوفد الذي رافق الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان في هذه الزيارة ، وفي عضويته وزير الخارجية السفير محي الدين سالم أحمد، والفريق أول أحمد إبراهيم مفضل، مدير جهاز المخابرات العامة، هذا الوفد ربما يشير إلى أجندة اللقاء الذي تم بين قيادة البلدين.

*الزيارة كانت اختراقاً مهماً في العلاقات بين البلدين، وحملت من البشريات الكثير لدعم مجالات التعاون المشترك بين البلدين، في قطاعات الأمن والإقتصاد والتجارة، وجاءت مؤكدة على أن تنشيط العلاقات بين البلدين وتطويرها وزيادة حجم التبادل التجاري مع مصر تحتل مكانة متقدَّمة لدى القيادة السياسية العليا في السودان  ونرى أن الأمر كذلك بالنسبة للشقيقة مصر، رغم الغبار الكثيف الذي يتحرَّك بين حين وآخر ليحجب الرؤيا في سماء هذه العلاقات التاريخية والأزلية بين شعبي وادي النيل. *الحكومة المصرية وعلى أعلى مستوياتها تنظر للعلاقة مع السودان نظرة خاصة على إعتبار أن السودان هو العمق الإستراتيجي والأمني لمصر ، وقد قال السيد المشير عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر الشقيقة قبل فترة أنه يتطلَّع لإحياء إتفاقية التكامل بين البلدين ، ونعلم جميعنا أن تلك الإتفاقية كانت أنموذجاً للعلاقات القومية والمتينة التي تتقوى بالمصالح المشتركة للبلدين ، بل وقادت إلى التوقيع على إتفاقية الدفاع المشترك إبان حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري للسودان.

*والعلاقة بين السودان ومصر ، هي الأقوى والأمتن في المنطقة ، للتداخل الجغرافي ، والتاريخي ، والحضاري ، والإجتماعي ، بين البلدين الشقيقين.

*وأذكر أنني التقيت بالسيد المشير عبدالفتاح السيسي ، إبان ترشحه للرئاسة في مصر ضمن وفد صحفي وإعلامي يمثِّل عدداً من صحفيي دول حوض النيل المختلفة ، وجلسنا إليه نحو ثلاث ساعات كاملة ، أجريت خلالها حواراً صحفياً معه ، ركزت فيه على العلاقة بين السودان ومصر ، ومطلوبات تقوية هذه العلاقة ، وأشرت إلى إتفاقية التكامل بين السودان ومصر خلال فترة حكم الرئيسين الراحلين المشير (جعفر نميري) و(أنور السادات)، وقد وجدت أن المشير السيسي – المرشح الرئاسي وقتها – منفعل تماماً بذلك الحدث الكبير الغابر، وقال بصراحة شديدة إن تقوية العلاقات بين شطري وادي النيل يكون ضامنها الأوحد والأقوى هو المصالح والمنافع المتبادلة بين البلدين.

*إجتماعات البرهان والسياسي في القاهرة، تستند على تاريخ طويل من التعامل الإقتصادي والعلاقات التجارية ، وعلى كثير من الإتفاقيات الخاصة بتبادل المصالح ، وإن كانت تلك الإتفاقيات تصطدم بين حين وآخر بعقبات سياسية ، تمنع التنفيذ أو تحد منه ، وهو ما يتطلَّب إرادة سياسية قوية، تعمل على تذليل كل معيقات نمو هذه العلاقات وتطويرها ، ومن بين ما يمكن أن يتم الإعتماد عليه لتحقيق هذه الأهداف ، تلك الآليات التي تم الاتفاق عليها من قبل، والمتمثلة في اللجان الفنية، أو ما إصطلحنا على تسميته باللجان الفنية الوزارية المشتركة لمعالجة المشكلات القائمة بين البلدين.

*ليت المسؤولين هنا وهناك جلسوا للتفاكر حول مصالح الشعبين الشقيقين بعيداً عن توترات السياسة، وبعيداً عن حجب الشك التي تقلِّل من قدر الثقة التي يجب أن تتوفر حتى نعبر إلى بر المصالح.