آخر الأخبار

دفع بثلاثة شروط وقدم رؤية للحوار.. السودان يضع الكرة في ملعب الرباعية

تقرير- الطيب عباس:
وضع 28 حزبا وحركة، رؤية المجتمع السوداني للسلام وإدارة المرحلة المقبلة، وجاءت الرؤية بعد اجتماعات استمرت لأربعة أيام في مدينة بورتسودان، وهي تمثل أول صوت وطني يعبر عن المجتمع السوداني في رسم مستقبل الحرب والسلام بالسودان.
وتأتي رؤية القوى السياسية وأطراف السلام، كامتداد طبيعي لتطلعات الشارع السوداني في مواجهة رؤى يراد فرضها عبر الرباعية الدولية، التي تمضي في رؤيتها الخاصة بوقف الحرب دون النظر لملاحظات الشعب السوداني.
القوى السياسية وأطراف السلام، التي أنهت اجتماعات متواصلة لأربعة أيام ببورتسودان، أصدرت بيانا ختاميا، أكدت فيه على انعقاد مؤتمر الحوار السوداني بمشاركة الجميع بلا اقصاء وتشكيل لجنة وطنية مستقلة لإدارة الحوار السوداني بالداخل.
ووفقا للبيان الختامي، خلصت المشاورات إلى، انعقاد مؤتمر الحوار السوداني بمشاركة الجميع بلا إقصاء.. تشكيل لجنة وطنية مستقلة لإدارة الحوار السوداني بالداخل بجانب تهيئة المناخ لضمان نجاح الحوار السوداني وتكوين لجنة للتواصل السياسي.
وأكدت أن الرؤية الوطنية للسلام والتحول الديمقراطي مفتوحة لجميع القوى السياسية، وهذه بمثابة دعوة للجميع للانضمام والمشاركة في هذا العمل الوطني.
وأكد المشاركون في بيانهم، على الملكية الوطنية لمشروع الحوار السوداني، والذي تقرر انعقاده بالسودان، ورحبوا بالجهود والمساعي الدولية التي يضطلع بها أصدقاء وأشقاء السودان للمساهمة في دعم الجهود المبذولة لإيقاف الحرب دون المساس بالسيادة الوطنية والقرار الوطني.
مسار الرباعية:


وفق ما تسرب بشأن رؤية الرباعية الدولية، فإنها تهدف إلى إبعاد الجيش عن أي دور سياسي وتشكيل حكومة من المدنيين، بما فيهم تحالف صمود، فإن هذه الرؤية مرفوضة للجيش والشعب السوداني، ويرى مراقبون أن القوى السياسية وحركات السلام، سارعت بوضع رؤية مقبولة للشعب السوداني، شددت فيها على ملكية الشعب السوداني للحوار، في رسالة واضحة للرباعية الدولية التي تريد فرض أجندة بعض دولها وتحدد من يدير الفترة الانتقالية.
تحركات متزامنة:
تأتي تحركات القوى السياسية مع تحركات موازية في الشق العسكري، وكشفت مصادر واسعة الاطلاع، عن طرح رؤية جديدة بشأن التفاوض مع مليشيا الدعم السريع تعتمد بالأساس على اتفاق جدة الموقع في مايو 2023
وكشفت مصادر مطلعة، أن رئيس مجلس السيادة، خلال لقائه الأخير بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، اشترط أن تكون أي تفاهمات أو حوارات سياسية مستندة إلى مبادئ اتفاق جدة، بوصفه الإطار الوحيد الذي حظي باعتراف رسمي، وشكّل مرجعية عملية لوقف إطلاق النار وتدابير بناء الثقة.
وأوضحت المصادر، أن البرهان حدد ثلاثة شروط رئيسية تمثل جوهر الموقف السوداني من أي عملية تسوية أو وساطة قادمة.
وتتلخص هذه الشروط في تجميع المقاتلين في معسكراتٍ خاضعةٍ للجيش السوداني، لأن أي حديث عن السلام دون السيطرة على السلاح يظل وهماً سياسياً
وأكّد البرهان بحسب المصادر، أن السلام لا يمكن أن يتم في ظل واقعٍ تتناثر فيه الميليشيات على الأجزاء الغربية من البلاد، وأن أولى خطوات الحل هي تجميعها تحت إشراف الجيش الوطني، بما يضمن وحدة القرار العسكري ويعيد للدولة احتكار القوة الشرعية.
والشرط الثاني يتمثل في إبعاد (آل دقلو) عن المشهد السياسي والعسكري.. حيث يعتبر البرهان، أن جوهر الأزمة لا ينفصل عن الطموحات الشخصية لعائلة دقلو التي حولت ميليشيا الدعم السريع إلى كيانٍ فوق الدولة.
ويعتبر مراقبون أن هذا الشرط يمثل مسألة ضرورية للجيش والشعب السوداني، حيث لا يمكن بناء سلامٍ حقيقي بوجود من تلطخت أيديهم بالدماء في معادلة السلطة.
وتمثل الشرط الثالث بحسب المصادر، في إبعاد الإمارات من الوساطة الدولية، وأوضحت أن هذا الموقف كان الأكثر وضوحاً وصراحة، إذ أكّد البرهان، بحسب المصادر، أن أي وساطة تشارك فيها الإمارات مرفوضة، ما لم توقف الأخيرة دعمها المالي والعسكري لمليشيا الدعم السريع. وأشار بوضوح إلى أن من موّل الحرب لا يمكن أن يكون وسيطاً في السلام، وأن الطريق الوحيد أمام الإمارات، إن رغبت في المساعدة، هو التوقف الكامل عن دعم الميليشيات، والتعامل مباشرة مع حكومة السودان الشرعية.
الموقف السوداني:
يقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، دكتور محمد عمر، إن هناك اجماعا كاملا بين كل المكونات السودانية على عدم القبول برؤية الرباعية الدولية لإنهاء الحرب بالسودان، مشيرا إلى أن السودانيين لو خيروهم بين استمرار الحرب وحلول الرباعية، فإنهم يفضلون استمرار الحرب، وأضاف دكتور عمر، أن الجديد في الأمر، هو أن المكونات السودانية لم تقف عند مربع الرفض، وإنما قدمت رؤيتها للتفاوض العسكري ووضعت شروط كما قدمت رؤيتها للحوار السياسي، واعتبر عمر، أن إقرار القوى السياسية وحركات السلام بإدارة حوار سوداني لا يستثني أحد، يشمل حتى تحالف صمود، حال تخلى عن دعمه للمليشيا، لكن ذلك لا يعني بأي حال أن هذا التحالف سيكون له دور سياسي في الحكومة الانتقالية.
وأوضح عمر، أن السودان استبق اجتماع الرباعية نهاية أكتوبر الجاري وقدم رؤيته العسكرية والسياسية للتفاوض مع المليشيا والحوار مع المكونات السياسية وقدم شروطه وتمسك بالتفاوض تحت مظلة اتفاق جدة، تاركا الكرة في ملعب الرباعية.
موقف جذري:
مراقبون يشيرون إلى أن الموقف السوداني من الرباعية بوضعها الحالي جذري، وغير قابل للتنازل، لافتين إلى أنه لن يكون أمام الرباعية التي تسيطر عليها واشنطن سوى الرضوخ للشروط السودانية أو إغلاق الملف. لكن دكتور محمد عمر يرى أن واشنطن بحاجة لنصر سريع يضاف إلى سجل ترامب الباحث عن جائزة نوبل للسلام، مشيرا إلى أنه من الممكن أن تبعد واشنطن أبو ظبي من الرباعية في محاولة لإنقاذ مساعيها لإحلال السلام بالسودان، لكن إبعاد أبو ظبي وحده غير كاف للسودانيين الذين يرون في تغييب عائلة دقلو، شرط واجب النفاذ.
من الواضح أن رئيس مجلس السيادة، قدم خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، الشروط السودانية النهائية أمام طاولة الرباعية بشكل واضح وجلي قبل أسبوعين من اجتماعها المقبل بواشنطن، بينما اجتمع 28 حزبا وحركة، وهو أكبر تكتل يشهده السودان مؤخرا، اجتمعوا في بورتسودان ووضعوا رؤية وطنية تمثل نبض الشارع السوداني لقطع الطريق أمام أي تحركات سياسية تدفع بتحالف صمود لتكرار الشراكة مع العسكر من جديد، كما تسعى لذلك أبو ظبي وتجاريها الرباعية.