
الهوية القاتلة
علي احمد دقاش
*هذا المقال كتبته عام ٢٠٢٣ اعيد نشره مرة أخرى علي ضوء ما حدث في الفاشر ويحدث في مناطق اخرى من السودان.
*حينما ينغلق الإنسان في قبيلته أو عرقه أو ثقافته يكون في الحقيقة قد سجن نفسه ووضعها في زنزانة ضيقة الجدران وفقد رحابة الانسانية وسعتها وتشابك العلاقات فيها وتداخلها.
*قد تتحول الهوية من مصدر ثراء في العلاقات إلى سبب صراع دموي كما يحدث في مناطق عديدة في السودان وخارجه .
*الصراعات القبلية تحدث دمارا شاملا لشبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
الهوية قد تجعل جماعتين متجاورتين متعايشتين تتحولان إلى جماعتين متقاتلين متصارعتين ؟
قد تجعلنا ننسى آيات المساواة في القرآن ونتجاهل الحديث النبوي الكريم :
(أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى)
*ننسى إرث التراث الإنساني الغني بأمثلة التعايش الانصهار، يقول الروائي الانجليزي اوسكار وايلد في رواياته التي قرأناها في المدارس 🙁 كل إنسان هو إنسان آخر) .
هذه الجملة شديدة العمق تعني من بين ما تعني ان الموثرات في سلوك الانسان عديدة فلا انسان يسلم من تأثير الاخرين الذين يعايشهم في محيطه الاجتماعي.
*الاستعلاء العرقي والثقافي واحتقار الآخرين والتقوقع حول هوية احادية لا ترضي بالآخرين مشكلة وقنبلة موقوتة.
*دعنا نبدأ بتعريف الهوية كلمة (هوية) منسوبة إلى الضمير (هُوَ)، تعني مجمل السمات التي تميز شخصا ما أو مجموعة عرقية معينة. اما الهُوِيَّةُ كمصطلح فهي كلمة تستخدم لوصف مفهوم الشخص أو مفهوم الجماعة، كل إنسان يحمل عدة عناصر في هويته تميزه عن غيره،
عندما نتحدث عن الهوية الشخصية فإننا نقصد بطاقة تعريف الشخص بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده.
*أما الهوية الجمعية فتتعلق بالميزات المشتركة لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى هذه المجموعات هي ما نصطلح على تسميتها بالقبائل.
*أفراد المجموعة العرقية (القبيلة) يتشابهون في الميزات الأساسية التي كونتهم كمجموعة مثل العرق والثقافة والسكن في منطقة واحدة والتشابه في العادات والتقاليد وحتى لو كانوا يختلفون في عناصر أخرى لكنها بالطبع لا تؤثر على كونهم مجموعة عرقية واحدة متشابهة.
القبائل تتكون بثلاث طرق
١/وحدة العرق
٢/ التحالف
٣/ الضم مثل ان ينضم عرق إلى عرق آخر سكن معه في رقعة واحدة .
*قبائل السودان معظمها قبائل تكوينية تتكون بالتصاهر والتساكن او التحالف والضم ويندر ما تكون القبيلة نقية العرق .
*نحن السودانيون ما يجمع بيننا هو وجودنا في وطن واحد و امتلاكنا لتاريخ طويل مشترك، ويدين معظمنا بدين واحد والتحدث بلغة مشتركة أضف لذلك وجودنا في دولة واحدة .
*التعدد الاثني يجعل الشعب السوداني شعبا متمايزا لكن متحدا وحتى لو وجد اختلاف فيما بيننا في الأديان واللهجات والعادات والتقاليد وأمور أخرى.
*العناصر التي يمكن عن طريقها بلورة هوية جمعية كثيرة، أهمها الاشتراك في: الأرض، اللغة، التاريخ، الحضارة، الثقافة، الطموح وغيرها.
*اختلاف الهويات وتعددها ينبغي ان يكون مصدر ثراء للمجتمع السوداني لا سبب للصراعات الدموية المميتة.
لا انكر ان هناك تيارات عنصرية تنادي بنظرة احادية في الهوية وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهويات الأخرى والاستعلاء عليها هذا اعتبره قصر نظر و هو منبع الصراعات والنزاعات وسببها .
*المفكر الهندي الحاصل على جائزة نوبل امارتايا سين يقول:- (كلّما صارت الهويَّات أكثر تأطيراً زاد التَّعصب حولها، وكلّما زاد التعصُّب زاد العنف والاضطهاد؛ فالهويَّات المتعدّدة في مقابلها تصنع الإنسان بشكل مختلف عن الآخر، وهذا ما يجعلها أفضل من الهويَّات المغلقة والجامدة التي تعمل جاهدة على تشتيت فكر الإنسان وحصره في التَّبعية والتّعصُّب الأعمى لقبيلته ، قولبة الإنسان في هويَّة واحدة إنَّما هو إفقار له وقطع له عن التَّواصل مع الآخرين، وينشأ هذا الانحصار من التَّعامي عن حقيقة أنَّ الإنسان يعيش في شبكة هائلة من العلاقات مع الآخرين في محيطه الصَّغير والمحيطات الأكبر على السَّواء، وتزيده كلُّ علاقة من هذه العلاقات ترابطاً بالآخرين، كما تزيد حياته كذلك غنًى، وعلاقته مع الآخرين توثُّقاً ) .
*انا اتفق مع هذا المفكر يجب ان لا نغلق انفسنا في عرق واحد وندعي انه هو العرق الافضل.
* يمكن أن تكون من عرق معين لكنك تقاسم الآخرين في السكن والمهنة و زمالة العمل و الدراسة او اللون السياسي و فريق الكرة او الهوايات الثقافية و قد تتصاهر مع أسرة من قبيلة أخرى وتتزوج منها وهذه الحقائق جميعها توكد ان الانسان في الحقيقة يعيش في شبكة هائلة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ويجب مراعاتها .
*لقد احزنني ما اسمعه عن تصفيات تمت على أساس العرق.
*في ازمة الدلنج وعندما حاول الدعم السريع احتلال الدلنج وتم دحره بالطبع كتب عبدالله حسن عبدالله العشا بوست جاء فيه : انا عبدالله حسن، الوالد : حسن عبدالله العشا حازمي (بخوتي) والوالدة:أم جمعه فندامه كربيش من النيمانج (النتل+سلارا)
*بربكم ضعوا نفسكم في مكاني وأخبروني بشعوركم عندما يتقاتل طرفان أحدهما ابناء اعمامك والثاني ابناء اخوالك
انه امر محزن جدا
وانه لمحزن جدا ان تتحول الهوية إلى سبب للقتل والدمار.