آخر الأخبار

خطاب البرهان.. إحياء روح المقاومة وقبر المساع الدولية

 

تقرير: الطيب عباس

ظهر رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، مساء الاثنين، في خطاب متلفز وموجز، تحدث عن ملابسات الوضع في الفاشر ووضع إشارات لما يصبح عليه المستقبل القريب.

وجد الخطاب ارتياحا وسط السودانيين، وبدأ لهم كما لو أن الجيش لا يرغب في دلق جميع أوراقه على الفضاءات وأن هناك ما يجري الترتيب له مما يسر السودانيين، فالقائد العام الذي تلى الخطاب، كان قد عاد لتوه – بحسب مصادر – من اجتماع غرفة القيادة والسيطرة وعاد للاجتماع مرة أخرى بعد إنتهاء خطابه الذي استغرق فقط ثلاثة دقائق وخمسون ثانية، لكن قال فيه ما يعتبره مراقبون مسارات الحرب.

تطمينات

لشعب شعر بصدمة كبيرة مما حدث في الفاشر، تحدث البرهان اليه بثقة مطمئنا السودانيين بأن النصر حليفهم، ووصف ما حدث في الفاشر بالمحطة، للإستدلال على سرعة تجاوزها، وأكد عزمهم الاقتصاص للشهداء ولما حدث للمواطنين بالفاشر، وجدد العهد مع الشعب بأن الجيش والقوات المساندة قادرون على تحقيق النصر تلو النصر.
وذكر البرهان تحديدا مصطلح “قلب الطاولة” وهى سياسة شبيهة بمصطلح “الذردية” التي انتهجها الجيش في جبل موية والدندر وسنجة والجزيرة والخرطوم، ونجحت بشكل مذهل وسحقت المليشيا حرفيا في تلك المناطق.

ولقلب الطاولة، فإن رئيس مجلس السيادة، تحدث بحسب أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، دكتور الفاضل محمد محجوب، بشكل واضح، ذاكرا القوات المشتركة والمقاومة الشعبية والقوات الأخرى، والتي تشمل بالضرورة قوات درع السودان وفيلق البراء بن مالك والمستنفرين وكافة التشكيلات العسكرية المساندة، على رأسهم الجيش، هذه القوة بحسب دكتور محجوب هى من تقلب الطاولة، وهى إشارة إلى أن البرهان قرر الإنكفأ على الداخل وتحقيق الحسم في الميدان العسكري وليس قاعات التفاوض، ولا البحث عنه في أجندة الرباعية المتشاكسة.

التقاط الإشارة


وبشكل فوري، التقطت هذه الأجسام إشارة القائد العام للجيش، حيث أكد قائد درع السودان، أبو عاقلة كيكل جاهزية قواته للتحرك نحو الفاشر، وقال خلال حديثه في تخريج الدفعة السادسة لقواته، أمس الثلاثاء، إن 263 خريجا تدربوا على الثنائي وجاهزين الآن للانطلاق.
بالتزامن مع ذلك أعلن القيادي البارز بالمقاومة الشعبية، الأمير الطيب جودة حالة الاستنفار وفتح معسكرات التدريب في الإقليم الأوسط، في وقت خرج فيه الآلاف من عناصر المقاومة الشعبية بنهر النيل حاملين السلاح وطافوا في مسيرة ضخمة مدن الدامر وشندي وعطبرة، مؤكدين جاهزيتهم ورهن إشارة القيادة.

الإنكفأ على الداخل

بدأ رئيس مجلس السيادة في خطابه، زاهدا في أي دور مستقبلي للمجتمع الدولي، في أزمة الفاشر، ووجه الخطاب انتقادات واضحة للمؤسسات الدولية التي تقاعست عن ممارسة أي ضغوط على المليشيا لفك حصار المدنيين بالفاشر، وقال البرهان إن المليشيا ارتكبت جرائم في الفاشر وقبل ذلك في كل بقاع السودان على مرأى ومسمع من العالم ، وفي مخالفة واضحة لقرارات مجلس الأمن، وأضاف (كل الأعراف الدولية الآن يتم إنتهاكها ولا أحد يتحدث عن ذلك ولا أحد يحاسب)، وتابع (نحن كشعب سوداني سنحاسب هؤلاء المجرمين، نحن كسودانيين سنقتص لأهلنا الذين لحق بهم الظلم ولحقتهم هذه اليد الغادرة، اليد العدائية ، اليد التي لا تنتمي لهذا الشعب السوداني).

تعليقا على ذلك، يرى أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، دكتور محمد عمر، أن القائد العام للجيش، عرى المجتمع الدولي من أي فضيلة، وألقى باللوم عليه، لكنه لم يتوقف عند هذه النقطة، حيث أن الضحايا الذين مورست ضدهم هذه الانتهاكات بحاجة لأكبر من هذا التلاوم، مشيرا إلى تعهد البرهان هنا بتولي الجيش أمر المحاسبة ومعاقبة الجناة، لكونه واحدا من مهامه المقدسة، والتي تتمثل في مقاومة المعتدي بجميع الوسائل المشروعة.

يبقى القول بحسب مراقبين، أن خطاب البرهان بمثابة إعادة تدشين للعمل المقاوم وبث روح المقاومة في الأمة السودانية لمواجهة المليشيات وداعميها، في ظل صمت دولي وتقاعس الدول الصديقة والشقيقة، ويقول دكتور محمد عمر، إن البرهان هنا وضع الأمة السودانية أمام خيار واحد وهو المقاومة، وجاء خطابه بمثابة بعث جديد واستنهاض لهمة الأمة، وهو هنا تحول من مجرد رئيس لقائد يقود أمته لساحات النصر.

وهو ما أكده البرهان نفسه بتعهده مع الشعب السوداني بأن القوات المسلحة والقوات المشتركة والمقاومة الشعبية والقوات الأخرى التي تساند هذه القوات قادرة على أن تحقق النصر تلو النصر، مستشهدا بالتجارب التي خاضها الجيش في هذه الحرب مؤخرا.