المهاجرون في أمريكا … الغريب عن وطنه مهما طال غيابه مصيره يرجع لأهله وصحابه
صدى الغربة
هويدا عوض الله – أمريكا
الغربة تحمل في ثناياها معان كثيرة تتجسد في احساس المهاجرين، والمغتربين، فهي تعطي دروسا كثيرة في الصبر، وتعلمهم الاعتماد على النفس، وتقوي من شخصيتهم.
ولكن بالرغم من ذلك هنالك اشياء قد تكون حجر عثرة في طريقهم.
ماهي الأشياء الصعبة التي واجهتهم؟ وهل يفضلون العودة الى السودان ام الاستمرار؟
وقفة وتأمل
يقول الدكتور الفاتح أمين عوض الله: تعلمت الكثير من الغربة، تعلمت الاعتماد على النفس اولا واخيرا، ثم النظام والانضباط، وتعلمت العمل مع المجموعه، ثم البعد عن التفكير الانفرادي وان النجاح يأتيك بالصبر. الغربة ذادتني عزيمة وإصرار،
وتقول الأستاذة فاطمة عيد الفنانة التشكيلية: قضيت ثلاثين عاما في امريكا، اضافت لي الكثير، معرفة ثقافات متعددة، واصدقاء، ومعارف، تحمل الكثير من التقدير والاحترام لكل الذين من حولك، تعكس ثقافة وحضارة بلدك،حيث تضيف لهم الجديد ،وتحترم قيمهن حتي التي لاتتفق معهم حولها.
العميد الدكتور الصديق حسين إبراهيم هو سوداني أصيل صاحب مؤهلات علمية رفيعة _يحمل الدكتوراة في السلامة البيئية في المنشات النفطية كأول رسالة في الموضوع هذا في السودان_و زمالة من انجلترا وعضوية الجمعية الملكية لخبراء السلامة، وله خبرة عملية متميزة ومؤسس مركز البقعة لتدريب الأمن والسلامة
العميد الصديق ابتدر حديثه معنا قائلا : تجربتي مع الغربة فترة الحرب اللعينة أي سنة وتسعة اشهر عانيت فيها من الصعاب والهموم ما تهد الجبال، وأنا كضابط سابق كنت مستهدف من قبل الأوباش وللأسف الشديد كان أقرب الناس لي هم من يرشدون على مكاني وممتلكاتي من اهل وجيران كانت أيام عصيبة..
وعن الغربة قال: ممكن القول بان الغربة لها اثر كبير في تقوية الشخصية كذلك لها فوائد وهي السفر ومعرفة الثقافات االمختلفة والاحتكاك بعادات وتقاليد جديدة وعليك أن تتعايش معها احتراما لقوانين البلد التي فرض عليك العيش واللجوء اليه.. أما البعد عن الأهل فهذا شي آخر خصوصا اذا كان احد والديك فيهم وانت بعيد عنه وطوال اليوم تفكر في ما حصل لهم خصوصا في مثل وضعنا هذا ونحن في حالة حرب فرضت علينا كالقدر بين يوم وليلة وجدنا انفسنا نعيش هذه الأوضاع المريرة ولكن بفضل الله وعونه تخطينا الجزء الأكبر من هذه الصعاب واهمها كيف تستطيع ان تنجو بجلدك من جيوش مدججة بالسلاح وهي في قمة الجهل في التعامل مع الآخرين وحتى مع السلاح الذي تحمله..
سألناه عن كيف نجا منهم؟
قال:فيك أن تتخيلي من الخرطوم رجعنا الى الوطن الأصلي مدني وبحمد االله كانت منازلنا جاهزة لم نعاني من جشع تجار الحرب والارتفاع الجنوني للايجارات ولكن هيهات استبيحت الجزيرة في اغرب شي لم نكن نتوقعه وهربنا من مدني الى منطقة الحوش جنوب الجزيرة وهنالك لحق بنا الأوباش، ومن هذه المنطقة طلعت في أصعب رحلة في حياتي ستظل محفورة في ذاكرتي، خرجنا ومعي ابني محمد طالب كلية الهندسة التي حرمته الحرب من إكمال آخر سمستر له في الجامعة، تحركنا علي متن كاروا حمار رحلة لمدة خمس ساعات الى منطقة الربوة علي ضفاف النيل الأزرق لنعبر بمركب صغير لصيد السمك وفي الطريق اوقفتنا كم عربة للدعم مدججة بالسلاح وتفتيش وذلة ومهانة ولكن ربنا كتب لي النجاة منهم لأن ابني اخفى تلفوني وبه صوري بالزي الرسمي وهذا كان كفيل بمنحي طلقة في رأسي منهم لكن ربنا بلطفه ستربنا ونجانا من القوم الظالمين. وبفضل الله تغلبنا كل تلك الصعاب ومنها إيجاد فرصة للم شمل أسرتي الصغيرة في بورتسودان ومنها الى سلطنة عمان والتي دخلناها بتأشيرة مستثمر لايملك من النقود ما يأكل ويشرب هو وأسرته، وأكبر معاناة عند دخولنا وجدنا فرصة العمل فيها تساوي صفرا كبيرا بالرغم من المؤهلات العلمية الرفيعة والخبرة الطويلة هكذا قدرنا الذي وجدنا أنفسنا فيه والحمدلله.
يقول الدكتور الفاتح أمين عوض الله إن أحد مساويء الغربة البعد عن الأهل والأصدقاء والاحساس بالوحدة مما يؤثر كثيرا على الشخص خصوصا التأثير النفسي إذا كنت ضعيف الشخصية.. وأضاف: (البعد عن الأهل لأزمان طويلة قد يؤدي إلي التصلب الشخصي والجفوة..)
وتقول التشكيلية فاطمة: (البعد عن الأهل امتحان كبير على قوة التحمل، كيف للإنسان أن يعيش بعيد عن حاضنته الطبيعية؟ وهل يمكن تعويض حنان الأهل والأسرة؟،هذا تحدي كبير ليس كل الناس قادرين على الصمود فيها، فيهم من ينهار إذا سافر من مدينة لمدينة أخرى في داخل وطنه يحس بالغربة فما بالك بمن سافر من قارة لقارة، ولشعةوب مختلفة ولغة مختلفة).
وعن الصعوبات التي واجهته قال د. الفاتح: (في البدايه التأقلم وكيفية الانخراط في المجتمع الأجنبي ثم الاعتماد الكامل على النفس وخاصة وأنا أفتقد مساعدة الأهل والأصدقاء، وتحدي آخر هو التوافق بين الدراسة والعمل رغم الانشغال بهموم الأهل والبعد عنهم).
أما فاطمة عيد فعددت مصاعب الغربة قالت:(مثلا مواجهة في العواصف الثلجية، وأحيانا في المواقف الإنسانية عند المرض، ودخول المستشفي، وفقد الأعزاء).
وكيف تتغلبين عليها؟
أجابت: (الصبر والثبات هم اقو اشياء معين علي التحمل ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب) ثم الاشتغال على المعين الفني مثل الرسم، الكتابة، والنشاط الثقافي).
قلت لهم: هل انتم مستعدون للعودة إذا توقفت الحرب؟
العميد الدكتور الصديق حسين إبراهيم أجاب: (خيار العيش في الغربة او الرجوع الى الوطن هذا لا نقاش فيه، اليوم قبل الغد أرجع الى السودان بعد أن ينصلح الحال اليوم قبل الغد).
قالت فاطمة: (لو خيرت للعودة سوف أعود بلانقاش، فقط يكون أمان، وسلام، وتوفير العلاج، وضروريات الحياة “وطني لوشغلت بالخلد عنه نازعتني اليه في الخلد نفسي”)
الفاتح امين: (لا توجد مثل بلدك واذا كان لي الخيار أحبذ أن أكون في بلدي أمس قبل اليوم.. في وطنك وبلدك فأنت ولد البلد أما في اي مكان اغتراب فأنت اجنبي ومجرد رقم)..
وانتهى بضيوفي الى نصائح وذكرى
بدأ العميد صديق بنصيحة أخيرة قال أن وجهها لساسة وطني بعيدا عن العواطف: (ابقوا عشرة على تراب الوطن ولا تعطوا الفرصة للخونة المأجورين لبيع الوطن بابخس الاثمان.)
وتقول فاطمة: (نصيحتي هي للذين يدمرون أوطانهم هل رأيتم الأمان، والسلام، والاطمئنان في بلد الغير؟ اذن لماذا تدمرون أوطانكم وتجعلونه جحيم لايطاق)، وتمنت أن يتوقف الاقتتال، ونعيش في وطن أمن وعادل ننعم فيه بعيش هانئ
لا نتوه في الدروب الشائكة)
سألت العميد: هل تسامح من وشى بك؟
قال:(أقول لك قول الشاعر : وطني وإن جار علي عزيز —-واهلي وأن ضنوا علي كرام معزتي لهم كبيرة بالرغم من الوشاية والإرشاد عن مكاني وممتلكاتي الا انهم كرام في نفسي سامحهم الله . هذا كل مايجوش بخاطري من الام الغربة، والمعاناة التي عشتها..