آخر الأخبار

قراءة في تصريحات وزير الخارجية الامريكية بقاعدة (مفهوم المخالفة):

 

  • واشنطن هل تخرج الكارت الاصفر ل( ابوظبي) للخروج نهائيا من ملعب الحرب في السودان ؟
  • زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا هذا الاسبوع ستفتح الطريق أمام اختراق جديد
  • الرئيس التشادي (ديبي الابن) بعد دخول واشنطن بثقلها في ملف حرب السودان ليس أمامه غير ترتيب أوراق اللعبة من جديد

 

تقرير – دكتور إبراهيم حسن ذو النون:

من الوهلة الأولى يمكن توصيف تصريحات السيد وزير الخارجية الامريكية ماركو روبيو التي أدلى بها في نهايات الأسبوع الماضي بأنها تمثل خطوة للأمام في ملف الحرب الماثلة في السودان منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023م ويبدو أن هذه التصريحات تأتي مكملة للمجهودات التي قامت الإدارة الأمريكية في منبر جدة بالاضافة لذلك خطوة السيد مسعد بولس الأخيرة والتي حاول فيها إحياء المبادرة الرباعية إلا أنه فيما يبدو أن عضوية دولة الإمارات العربية المتحدة فيها والمتهمة بدعم الدعم السريع قد ابطأ في تحركها.

ماركو (قلب الطاولة ولكن:

بقراءة متعمقة لتصريح السيد ماركو وباعمال القاعدة الفقهية المعروفة ب(مفهوم المخالفة) التي مفادها ( استنباط حكم من النص ولكن بدلالة عكس ما ورد فيه) نلحظ ان الوزير الامريكي قد ارسل اشارات ورسائل منها المباشر ومنها ما يفهم نص حديثه بعكس ما ورد فيه ولكن المهم أنه قد (قلب الطاولة ) على جهات بعضها سماها وبعضها الآخر أعطي فيها إشارات وبعضها ما يفهم منه ما يخالف (نص تصريحه).

الإمارات كارت اصفر:

والسؤال الذي يفرض نفسه هل يمكن اعتبار تصريحات السيد ماركو بمثابة كرت اصفر ل (ابوظبي) بما يعني ان واشنطن قد تبينت وتحققت من الاتهامات الموجهة من السودان للإمارات من عدة جهات.. و لتوضيح ذلك يمكن قراءة تعقيب الدبلوماسي والمسئول الحكومي السابق في الحكومة الامريكية و الباحث المتخصص في الشئون الأفريقية كاميرون هديسون علي تصريحات السيد ماركو حيث نلحظ ان هديسون ربط الأمر بالزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز المزمعة بعد غد الثلاثاء لواشنطن حيث قال إن المسؤولين الأمريكيين يعكفون على دراسة كيفية الرد على طلبات الرياض التي تقدمت بها للرئيس الأمريكي ترامب للضغط على ابوظبي لإيقاف الدعم الذي ظلت تقدمه أبوظبي للدعم السريع.
مشيرا إلى أن الزيارة تمثل محطة مفصلية في مسار العلاقات الامريكية السعودية في لحظة إقليمية بالغة الحساسية ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة للتنسيق بين البلدين مضيفا أن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي تعني أن امريكيا مدركة تماما لجرائم الدعم السريع وفظائعها مما يتطلب اتخاذ موقف حازم وصارم تجاه الدول التي تمولها بالسلاح (الامارات وتشاد} علاوة على تصنيف المليشيا بانها منظمة ارهابية.. ومن الراجح أن واشنطن وفي إطار تذليل أية عقبات في هذا الصدد انها (ستقلب الطاولة} على المليشيا وداعميها ولكن يبقى السؤال هل ستخرج واشنطن الكارت الأحمر للإمارات لتخرج من الملعب نهائيا أم تكتفي بالكارت الأصفر ولو إلى حين.

تشاد ومأزق ديبي الابن:


الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي والذي اعلن عند بدايه الحرب وقوفه على الحياد و ما لبث ان استخدمته دولة الامارات العربية المتحدة ليكون لاعبا اساسيا ومساندا لقوات الدعم السريع حيث فتح (مطار ام جرس) على تخوم الحدود السودانية التشادية لتمرير كل ما تحتاحه المليشيا من امدادات بكل صنوفها اللوجستية والتسليحة المؤن ومتطلبات الناقلات الحربية من وقود واسبيرات و فنيي صيانة واصلاح وربما نسي الرئيس (ديبي الابن) ان هذه الخطوة غير المحسوبة بشكل جيد قد تهدد (عرشه ) بالزوال إذ انه أعطى المعارضة التشادية فرصا لا تضيع من جهة انها ستتمكن من ترتيب أوراقها لتسديد ضربة قاضية له ومن جهة ثانية يبدو انه قد اهمل بقصد اوبدونه ان قبيلة الزغاوة بتشاد وامتدادتها في السودان لها(مغابن تاريخية) مع الحواضن الاجتماعية للدعم السريع نتيجة النزاعات الاثنية بين الزغاوة وبعض القبائل العربية والتي اصطف معظمها مع المليشيا المتمردة ومن الواضح ان التحولات التي احدثتها تصريحات وزير الخارجية اللمريكي ماركو روبيو تمثل بداية الضربات لدولة الامارات العربية المتحدة وحلفاؤها المتماهين معها في دعم المليشيا التمرد( حالة تشاد ) والتي يبو ان قيادتها لم تدرك المثل القائل (اذا كان بيتك من زجاج لاتصوب حجرك تجاه بيوت الآخرين ) إذ ان كل الأنظمة التي حكمت تشاد ومنذ استقلالها باب دخولها يتم من داخل الحدود السودانية بما في ذلك الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي والذي خلفه في الحكم ابنه (محمد كاكا) والذي عليه بذل مجهودات جبارة لترميم بيته من الداخل للحفاظ على (العرش) إذ ان الأمر يتطلب منه القراءة الجيدة للمتغيرات والتي امسكت بترتيباتها الولايات المتحدة الامريكية بنفسها هذه المرة وليس بواسطة وسيط.

المليشيا والقراءات الخاطئة:

حميدتي

تعاملت مليشيا الدعم السريع مع تصريحات السيد ماركو روبيو وزير الخارجية الأمريكي والتي احدثت انقلابا في ملف حرب السودان بقراءات خاطئة حيث صرح مستشار قائد الدعم السريع الباشا محمد الباشا (طبيق) منتقدا حديث وزير الخارجية الأمريكي بالقول (هذه التصريحات غير موفقة وانها ستمنح الطرف الآخر الشعور بتحقيق نصر دبلوماسي وتعزز رفض التهدئة وستودئ لمزيد من التصعيد العسكري) واضاف( طبيق) أنه كان من المفترض ان تركز واشنطن على وقف تدفق الاسلحة بدلا من تصريحات تفسر بأنها انحيازا لطرف على حساب الطرف الآخر ومن اللافت أن تصريحات طبيق انها لم تنفذ لجوهر تصريحات الوزير الأمريكي بالشكل المطلوب وإنما انصرفت إلى ما دون ذلك ويبدو أن هذه القراءة الخاطئة ستصب في اتجاه ينم عن عدم قدرة مستشاري الدعم السريع على قراءة وتحليل مجريات ملف الحرب في السودان بشكل صحيح إذ أن كل ما صرح به الوزير الامريكي صراحة او اشارة يشير إلى أن الولايات المتحدة الامريكية قد امسكت بكلياتها علي الملف مما يعني أن هناك اختراقات مهمة ستحدث فيه لاسيما ان الوزير الامريكي حسم جدلية توصيف الدعم السريع حيث دمغ الدعم السريع بالإرهاب.

جوبا المباراة انتهت:

الأحداث الدراماتيكية التي حدثت في العاصمة الجنوب سودانية (جوبا) مساء الأربعاء الماضي إذ اقال السيد رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق اول سلفاكير نائبه الأول الفريق بنيامين بول ميل وتخفيض رتبته العسكرية من فريق الى جندي وفصله من منصبه بالحزب الحاكم بجوبا وقد أشارت تقارير صحفية أن دولة الإمارات العربية كانت وراء هذه الاقالة إذ انه يعد الرجل الاقوى في جوبا ويبدو ان هذا النائب المقال غير (مستطلف) من أبوظبي مما دعا الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير لتنفيذ الرغبة الاماراتية بسرعة متناهية( مسددا هدفا جديدا ) لكن يبدو أن (ولوج الكرة في الشباك قد جاء متزامنا مع (صافرة الحكم معلنا نهاية المباراة) وليس احتساب الهدف لصالح الإمارات حيث تزامن قرار سلفا كير مع تصريحات الوزير الأمريكي والذي يعني دخول واشنطن بثقلها في هذا الملف.

وتبقى أسئلة مهمة:
– ماهي الأدوار المنتظرة من المملكة العربية السعودية في ملف الحرب في السودان ومآلاتها المستقبلية على ضوء زيارة ولي العهد السعودي المرتقبة لواشنطن ؟.
-هل تعني هذه التصريحات للوزير الأمريكي أن المبادرة الرباعية قد طويت صفحتها ام ستجري عليها تعديلات وتحسينات؟.
-في حالة الابقاء علي المبادرة الرباعية او تعديلها وتحسينها هل ستكون دولة الإمارات المتمردة جزءا منها أم سيتم الاشتراط عليها التحلل من ما اقترفته من أخطاء وخطايا في هذه الحرب الماثلة في السودان؟.
– هل ستعطي الولايات المتحدة الضوء الأخضر لجمهورية مصر العربية لتعزيز أدوارها التي لعبتها ولم تزل تلعبها لصيانة وحدة السودان وتخفيف الآثار التي خلفتها الحرب على السودانيين داخل السودان وخارجه ؟.