آخر الأخبار

بعد هزائم كردفان وطرد أبو نوبة.. المليشيا تقترب من حالة الفناء

تقرير- الطيب عباس:
أكدت مصادر ميدانية أن الجيش السوداني تمكن من تدمّير غرفة قيادة وسيطرة تابعة لمليشيا الدعم السريع في إقليم كردفان، ما أسفر عن مقتل عدد من قادة القوة.
وأشار المصدر إلى أن المليشيا انسحبت جزئياً من بعض محاور كردفان، ونقلت جزءاً من قواتها إلى إقليم دارفور.

وجاءت هذه التطورات عقب اكتساح بري شامل نفذه الجيش في كامل أراضي كردفان، بمشاركة الطيران والمسيرات والمدفعية الحديثة لليوم السادس على التوالي، ما أدى إلى تضعضع تماسك المليشيات وتفتيت قوتها الصلبة، كما عظمت الهزائم المتلاحقة من الخلافات بين مكونات المليشيا التي كانت الانتصارات المؤقتة عاملا مهما في تماسكها.

 

 

التفتت يضرب العمق:


الانقسامات ومظاهر التفتت لم تكن حصرا على الشق العسكري، الذي وصل مرحلة من التشظي لدرجة ابتدار عمليات واسعة للتصفيات الداخلية، طالت حتى قائد المجموعة 53، المليشي محمد عبد الرحمن، الذي هلك بقصف مسيرة أمس السبت، عقب تسريب إحداثيات موقعه للجيش. وطالت التصفيات أيضا القائد البارز بحركة الطاهر حجر، جابر أبكر بجة، الذي قتل على يد مليشيا الدعم السريع بالقرب من الجنينة، في أحدث مظاهر للتفكك الداخلي.
سياسيا، فإن الخلافات وصلت مراحل بعيدة، في إطار جهود متواصلة لورثة الدعم السريع بعد غياب متوقع لحميدتي وشقيقه بسبب العقوبات أو الإخفاء المتعمد بواسطة الكفيل، حيث ظهر في هذا الصراع محمد حسن التعايشي، رئيس ما يسمى بوزراء آل دقلو والرجل الأخر هو رئيس ما يسمى بالمجلس الإستشاري للإدارات المدنية للمليشيا، حذيفة أبو نوبة.
وأوضح القيادي بالمؤتمر الوطني حاج ماجد سوار، بناءا على معلومات ميدانية وصلته من داخل نيالا، إن الخلافات بين التعايشي المدعوم من أبو ظبي في مهمة تتعلق بإزاحة الوجوه ذات الماضي الإسلامي داخل صفوف المليشيا اصطدمت مع حذيفة أبو نوبة المدعوم من قائد المليشيا محمد حمدان حميدتي، ووصلت هذه الخلافات حد مغادرة أبو نوبة مدينة نيالا بشكل نهائي إلى دولة يوغندا حسب متابعات الصحيفة.

ويرى مراقبون أن أبو ظبي قد تلجأ في مرحلة لاحقة للتضحية بحميدتي وشقيقه من أجل إنقاذ نفسها من ورطة الحرب، وهو ما يفسر تغريدة مستشار بن زايد، أنور قرقاش، الذي اتهم الجيش والدعم السريع بالتورط في جرائم بحق المدنيين في دارفور، في تطور لافت اعتبره مراقبين مؤشرا على التضحية بقادة الدعم السريع،، حيث كانت أبو ظبي سابقا توجه الاتهام فقط للجيش وقائده العام.

 

 

اقتتال داخلي مرتقب:

الكاتب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد، تحدث بوضوح في هذه الجزئية بناءا على معلومات، مشيرا إلى أن التسريبات التي تم نشرها مؤخرا عن أسماء وأرقام قيادات نوعية داخل صفوف الدعم السريع عُرفت سابقاً بإنتمائها إلي الإسلاميين وأحزاب يمينية أخرى، مشيرا إلى أن هذا التسريب أحدث عاصفة شكوك عنيفة داخل صفوف المتمردين حيث بدأت حملة تضييق واسعة صدرت توجيهاتها من زعيم العصابة شخصياً، وصلت حد تجريد حذيفة أبو نوبة شخصيا من سلاحه ومخالبه، دفعته في النهاية إلى مغادرة حذيفة أبو نوبة إلى يوغندا بشكل نهائي.
التضييق لم يكن للمليشي أبو نوبة وحده، بحسب الصحفي عبد الماجد عبد الحميد، حيث شهد الأسبوع الماضي حملة إبعاد لأعداد كبيرة من صفوف المليشيا بحجة إنتمائهم السابق للإسلاميين والأحزاب اليمينية، وبعض هؤلاء تم تجريدهم من أسلحتهم وعرباتهم القتالية ونقلهم إلى داخل مدينة نيالا تمهيداً لسجنهم أو إبعادهم كما ستتم تصفية آخرين محسوبين على الإسلاميين ظلوا قابعين داخل معتقلات الجنجويد منذ أشهر.
مصادر تحدثت حول تفصيل مهمة التعايشي الجديدة، حيث تم تكليفه من أبو ظبي بإزاحة العناصر الإخوانية داخل الدعم السريع، في خطوة تهدف في النهاية إلى إزالة حميدتي نفسه وأشقائه، وتحميلهم كافة الانتهاكات المصاحبة للحرب، وتغيير وجه المليشيا السياسي كلية وتجهيزه لأي مفاوضات مقبلة مع الجيش السوداني.

 

التأثير على ميدان المعركة:


هذه الخلافات في المكون السياسي، أثرت بشكل مباشر على أوضاع المليشيا في الميدان، حيث يشهد محور كردفان عملية انسحاب كبيرة لعناصر المليشيا لدارفور فيما لجأت مجموعات أخرى لتسليم نفسها للجيش.
وأوضحت مصادر عسكرية، أن الجيش يتحرك حاليا في كردفان ليس لتحرير الأض وإنما لسحق المليشيا بشكل كامل في محرقة مفتوحة الميدان.
من جانبه اعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، دكتور محمد عمر، أن تفجر الخلافات بين المليشيات تأخر أكثر من اللازم، زذلك بناءا على التكوين الهش لهذه المليشيات التي هى خليط من المرتزقة مدفوعي الأجر وعناصر سودانية تقاتل من أجل السلب والنهب، معتبرا أن المعارك كلما تشتد يؤدي ذلك إلى تعظيم الخسائر في صفوف الجنجويد ما يؤدي إلى تفتتها، حيث أن المرتزق الذي يقاتل لقاء المال، يريد أن يهنأ بهذه الأموال لا ليقتل ويأخذها غيره، وينطبق الحال على فئة “الشفشافة” وهى فئة تكاد تكون 99% من مكونات المليشيا.
على الأرض يدير الجيش معاركه في كردفان بتكتيك مثير للغاية ويضيق الخناق أكثر على المليشيا، حيث نجح خلال يومين فقط في قصف قافلة للتمرد قادمة من شرق ليبيا، بينما دمر أمس السبت، غرفة القيادة والسيطرة التابعة للمليشيا بكردفان.
وسياسيا، تكفلت الأطماع وتركيبة المليشيا غير المتجانسة وغياب الهدف المركزي للحرب في تفتيت مكونات التمرد، تمهيدا لتلاشيها، فهل يمثل طرد الرجل السادس في صفوق المليشيا، حذيفة أبو نوبة، المسمار الأخير في نعش مليشيا حميدتي؟.