شكرا مصر حكومةً وشعباً .. السودانيات في مصر … تطويع الظروف 

 

  • محامية مشهورة بالخرطوم تبيع الشاي والزلابية بالقاهرة
  • غادة موظفة مرموقة أصبحت بائعة رصيف للمنتجات السودانية
  • ما هي حكاية المطلقة (هدى) الموظفة بوزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم؟

 

القاهرة ــ إستطلاع: التاج عثمان

تصوير: ابوبكر شرش

 

آلاف العائلات السودانية لجأوا للشقيقة مصر بسبب الحرب في السودان، استقبلتهم  الحكومة المصرية واحتضنهم الشعب المصري بحفاوة وأريحية تجسيدا للروابط التاريخية والأزلية بين الشعبين الشقيقين الممتدة عميقا في جذور التاريخ فهم معا يمثلون أبناء النيل، وبعد أكثر من عام على تواجد الأسر السودانية بجمهورية مصر العربية كيف أصبح حالهم الآن؟ .. وأين يقيمون؟ .. وكيف يعيشون؟ .. وماذا يعملون؟ .. (أصداء سودانية) تحاول الوقوق على حال اللاجئات السودانيات بمصر عبر هذا الإستطلاع

 

شكرا مصر:

غادة عمر المشهورة بـ(أم إبراهيم) تعد من أشهر اللاجئات السودانيات بالقاهرة، كانت تعمل في وظيفة حكومية مرموقة بإحدى المؤسسات العدلية الكبرى بالسودان، غادرت الخرطوم للعاصمة المصرية القاهرة في (15) أكتوبر عام 2023م بسبب الحرب، قالت لي ونحن وقوفا امام بضاعتها السودانية المتنوعة التي تعرضها على رصيف أحد الشوارع بأحد أحياء القاهرة التي تشهد تواجدا كبيرا للسودانيين:  لجأت لمصر الشقيقة بسبب الحرب ووصلت القاهرة يوم (15) أكتوبر 2023م .. رزقني الله بسبع بنات وولد، (4) من بناتي وولدي الوحيد يقيمون معي بالقاهرة في شقة.. والدهم مريض وكبير في العمر فوجدت نفسي مسئولة عن إعالتهم جميعا وحدي، ولذلك قررت العمل بمصر ولم أجد سوى العمل في تجارة المنتجات السودانية، والمتمثلة في (زيت السمسم ـ زيت الفول ـ  دكوة ـ ويكة ـ كسرة ـ شطة ـ  تبلدي ـ دقيق سوداني ـ ويكاب ـ عطرون ـ حرجل ـ لبان ضكر ـ حنة ـ مصفاة شاي سودانية ـ مفارك ـ مباخر ـ صاجات عواسه).. والحمدلله دخل تجارتي المتواضعة يكفل لي سداد أجرة الشقة التي أقيم فيها مع بناتي وولدي وزوجي وحد الكفاف من المعيشة.. ما يؤرقني الكشات التي نتعرض لها أحيانا بواسطة السلطات المصرية، وبالطبع لا أستنكر ذلك منهم واعترف أنني أمارس مهنتي هذه على الرصيف بدون تصديق لكن ما باليد حيلة، وعبركم أناشد السلطات المصرية المختصة تقنين  وضعي لحين عودتنا للوطن إن شاء الله، وعلى إستعداد  للانصياع للقانون المصري المنظم لهذا النوع من أنواع التجارة ومتطلبات التصديق حتى أوفر قوتي وقوت بناتي بطريقة قانونية واصبح قادرة على العناية بأسرتي ومتطلباتهم .. وعبر صحيفتكم الغراء (أصداء سودانية) اسمحوا لي إرسال صوت شكر وعرفان للحكومة المصرية والشعب المصري الشقيق للمعاملة الطيبة التي اولونا لها فلم نشعر اننا غرباء عن وطننا .. ونسأل المولى الكريم أن يقدرنا على رد الجميل للشعب المصري الشقيق.. ولا يسعني سوى القول: (شكرا الحكومة المصرية .. شكرا الشعب المصري).

حكاية المطلقة هدى:

هدى علي أحمد بخيت، من منطقة أبو حمامة بالخرطوم، دخلت القاهرة يوم (25) نوفمبر 2023م، كانت تعمل في السودان موظفة بوزارة التنمية الاجتماعية ولاية الخرطوم.. شاهدتها تعرض بضاعتها من المنتجات السودانية بأحد أحياء القاهرة، قالت لي بحذر إذ كانت تترقب في كل لحظة ان تطبق عليها (كشة) البلدية وتطالبها بالغرامة ومغادرة المكان حسب نص القانون المصري المحلي:

أنا مطلقة ولدي ولد واحد يعيش معي حاليا بالقاهرة بجانب شقيقاتي الأربع وأبنائهم وأمي، وبسبب الحرب وجدت نفسي مسئولة عن إعاشة (9) أفراد، ومرتبي الحكومي بالخرطوم موقوف منذ (30) يوليو 2023م فاصبحت بلا عمل ولا دخل ولذلك قررت ممارسة  بيع المنتجات السودانية الغذائية وبيعها للسودانيات حتى اصبح قادرة على سداد إيجار الشقة وتحمل أعباء المعيشة.. وعبركم أناشد السلطات المصرية بمحافظة القاهرة تقنين أوضاع النساء السودانيات اللاجئات لممارسة أعمالهن تحت بصر القانون حتى يصبحن قادرات على الوفاء بإلتزاماتهن المعيشية وإيجار الشقق والتي تتصاعد أسعارها شهريا.. وعبركم نشيد بالشعب المصري خاصة النساء المصريات والحكومة المصرية للمسات الإنسانية والمعاملة الطيبة التي يحظى بها اللاجئين السودانيين بمصر.. ونسأل الله وقف القتال الدائر في السودان حتى نعود للوطن قريبا إن شاء الله.

 

فتاة أبو حمامة:

إيناس عوض الله، فتاة سودانية لاجئة بمصر تقيم بعاصمتها القاهرة، كانت تعمل في السودان بمعرض (باريس قروب) لبيع الملابس بالعمارات الخرطوم، حضرت للقاهرة قبل إندلاع الحرب بالخرطوم بيوم واحد فقط، وتعمل حاليا بأحد المكاتب بحي الدقي بالقاهرة للعناية بوالدتها المشلولة طريحة الفراش وتوفير قيمة العلاج لها وسداد إيجار الشقة.. قالت: أشيد بالمعاملة الإنسانية التي يحظى بها كل اللاجئين السودانيين من جموع الشعب المصري والحكومة المصرية وعلى رأسها الرئيس (عبد الفتاح السيسي) لقراراته وتوجيهاته الإنسانية التي تصب في مصلحة اللاجئين السودانيين، جزاه الله عنا كل خير.

 

المحامية المشهورة:

(ر.أ.م) محامية سودانية مشهورة تعمل في مهنة المحاماة لمدة (35) سنة لديها مكتب خاص بها يعمل فيه عدد من المحامين.. تسكن حي المزاد شمال بالخرطوم بحري.. كانت تتردد على مصر كثيرا للعلاج من سرطان الثدي ثم تعود مرة أخرى للسودان.. لكن الحرب إضطرتها للبقاء بالقاهرة منذ اول مايو 2023م والعمل بائعة شاي وزلابية.. فلندعها تحكي تجربتها الغريبة هذه على لسانها من داخل المقهى الذي تؤجرة بمنطقة (ترسا) بالقاهرة تقول : كنت أعتقد ان الحرب سوف تتوقف بعد شهر شهرين على الأكثر لكنها للأسف استمرت كل هذا الوقت، ولذلك توكلت على الله واستأجرت شقة بمنطقة الطالبية الهرم أقيم فيها مع شقيقتي التي كانت تعمل بالأسواق الحرة بالخرطوم.. ولما ضاقت علينا الحال تركت مجبرة مهنة المحاماة واستأجرت متجرا صغيرا حولته لمقهى لبيع الشاي والقهوة والزلابية والطعمية على الطريقة السودانية

والعائد المادي لا يذكر لكن العائد النفسي كان كبيرا حيث أنني تعودت على العمل في مكتب المحاماة طيلة اليوم  ولذلك لم أتحمل البقاء بلا عمل بالقاهرة بعد الحرب، وصراحة دخلت في حالة نفسية لم يخرجني منها سوى عملي في المقهى والذي أصبح متنفسا لي وللنساء السودانيات من اللاجئات بعد (الكتمة) التي كنا نعاني منها بسبب الحرب والبقاء طيلة اليوم حبيسات بالشقق.. وعبركم أشيد بالمعاملة الكريمة لنا كلاجئات من جانب المصريين والمصريات حتى الأطفال المصريين يقومون بمساعدتي والأخذ بيدي عندما أهم بصعود سلالم المقهى.. ربنا يسهل حالنا ويوقف هذه الحرب”.