
نحو خطاب سياسي مسؤول
كابتن محمد حسن الطاهر
*يُعد الخطاب السياسي أحد أبرز أدوات التأثير في المجتمعات، إذ لا يقتصر على كونه مجرد نص منطوق أو مكتوب، بل يتجاوز ذلك ليشمل
السياق الذي يُقال فيه،والظروف المحيطة به، والجمهور المستهدف، والغاية المرجوة منه.. ومن هنا، فإن الخطاب يمثل معادلة جوهرية لفهم عمق الرسائل السياسية وتحليلها
*علاقة المنطوق بالأفكار:
لا يمكن فصل المنطوق السياسي عن الإطار الزمني والمكاني الذي يُقال فيه
فـمتى يُقال الخطاب تحدد مدى استجابته للظروف الراهنة، وكيف يُقال تعكس الأسلوب البلاغي والوسائل المستخدمة في الإقناع،
ولماذا يُقال تكشف عن الدوافع والأهداف، وأين يُقال توضح طبيعة الجمهور المستهدف والبيئة السياسية والاجتماعية.
*فعلى سبيل المثال: خطاب يُلقى في وقت أزمة اقتصادية يختلف في مضمونه ونبرته عن خطاب يُلقى في أوقات الاستقرار.. كما أن الخطاب الموجه إلى جمهور محلي يختلف عن ذلك الموجه إلى المجتمع الدولي.
ان الأسئلة الأربعة أعلاه متى وأين وكيف ولماذا تشكل البنية التحتية التي تُبنى عليها الأفكار وتُصاغ من خلالها الرسائل.
*الرؤية والرسالة: لكي يكون الخطاب السياسي مؤثرًا وذا جدوى، لا بد أن يستند إلى رؤية واضحة ورسالة محددة، تنبع من:
القيم الجوهرية: وهي المبادئ التي تشكل هوية الخطاب، مثل العدالة، الحرية، الكرامة، والمساواة هذه القيم تمنح الخطاب مصداقية وتُكسبه ثقة الجمهور.
*الفاعلية: أي قدرة الخطاب على إحداث التغيير المطلوب، سواء في الرأي العام أو في السياسات العامة. فالكلمات وحدها لا تكفي، بل يجب أن تكون مدعومة بخطط قابلة للتنفيذ.
*الغائية: وهي الغاية النهائية التي يسعى الخطاب لتحقيقها.. هل الهدف هو التهدئة؟ أم التحشيد؟ أم التغيير؟
وضوح الغاية يسهم في توجيه الرسالة بدقة ويمنع التشتت.
*إن بناء خطاب سياسي ناجح لا يتطلب فقط براعة لغوية، بل يحتاج إلى وعي عميق بالسياق، وفهم دقيق للجمهور، وانطلاق من قيم راسخة، مع وضوح في الأهداف والوسائل.
*فحين يتكامل النص مع السياق، وتُصاغ الرسالة من منطلق رؤية شاملة، يصبح الخطاب أداة فاعلة للتغيير الإيجابي وبناء المستقبل.