إنقطاع الكهرباء أكثر من أسبوعين شرق الجزيرة … العودة إلى عهد الظلام
- هيئة كهرباء رفاعة: عطل في المحول الرئيسي تسبب في إنقطاع التيار الكهربائي
- رئيس قطاع مياه الهلالية: إنقطاع الكهرباء زاد معاناة المواطنين في الحصول على مياه الشرب
- صاحب طاحونة: أربعين عاما لم تغلق الطاحونة أبوابها أمام الزبائن إلا في هذه الأيام
- ربة منزل : نفضنا الغبار عن مكواة الفحم والثلاجات توقفت تماما
تحقيق – سهير محمد عبد الله:
عندما يتعلق الأمر بإنقطاع التيار الكهربائي, كانما يعني ذلك صمت الحياة وتوقفها تماما لما يحمله توفر الكهرباء في حياتنا من أهمية قصوى, لذا ظل انقطاع التيار الكهربائي يشكل ضغطا مضاعفا على المواطن الذي قضى أكثر من أسبوعين معلقا آماله بعودة التيار الكهربائي يوما تلو الآخر دون جدوى، والذي جاء متقطعا بعد الأسبوع الأول ليستمر بعدها التيار ساريا لمدة أربع ساعات فقط بعد كل ثلاثه أيام وهي غير كافيه للقيام بالتدابير اللازمة لتفادي حدوث أزمة في الأيام التي ينقطع فيها التيار ،والذي يترتب علي أثره تعثر واضح في متطلبات الحياة اليومية مما يعني مزيدا من الرهق الذي بات يحياه المواطن في أغلب قرى ومدن شرق الجزيرة منذ انتقال الحرب إليها.
المحول الرئيسي:
رضوان محمد علي مصطفى فني كهرباء بهيئة كهرباء رفاعة محلية شرق الجزيرة قال في معرض حديثه ل(أصداء سودانية) إن العطل العام في المحول الرئيسي كان سببا وراء إنقطاع التيار الكهربائي لأكثر من أسبوعين في المنطقة, مؤكدا أنه لاتوجد مشكلة أو أعطال في شرق الجزيرة أو غربها, داعما حديثه بالتوضيح الذي وصل إليهم من غرفة الطوارئ حول حقيقة انقطاع التيار الكهربائي طيلة هذه المدة, والذي كان بسبب عطل وحريق في محول محطة المرخيات شمال أمدرمان, وهي المحطة الأولى لدخول الكهرباء لولاية الخرطوم من سد مروي والتي تعتبر المغذي للكهرباء حتى تصل محطة جبل أولياء ومنها خط متجه إلى النيل الأبيض جنوباً وخط متجه شرقاً لمحطة جياد ومن ثم الحصاحيصا والجنيد عبر محطات تحويلية بقدرة 220/110 كيلو فولت, وبعد ذلك من الجنيد يمتد الخط إلى مدينة تمبول و رفاعة لمحطات التوزيع داخل المدن مثال محطة مكنون،وكان يمكن أن يتم تغذية الحصاحيصا عن طريق خط النيل الأبيض ولكن هنالك اشتباكات في منطقة الأعوج جنوب جبل أولياء أدت لفصل الخط في منطقة الإشتباكات.
وأشار مصطفى إلى أن أعمال الصيانة جارية في محطة المرخيات حتى يتمكن (التيم) العامل من صيانة المحطة تماماً وإرجاع الخط لشبكة الكهرباء لكل المناطق.
الكهرباء هي السبب:
أما فيما يخص مشكلة المياه والتي تحولت في الأيام الفائته إلى أزمة حاده بسبب إنقطاع التيار الكهربائي, إفادنا رئيس قطاع مياه الهلالية بمحلية شرق الجزيرة ابوبكر الصديق علي قائلا إن إنقطاع التيار الكهربائي في أجزاء كبيرة من قرى ومدن شرق الجزيرة أدى إلى مضاعفة معاناة المواطنين في سبيل الحصول على مياه الشرب من أماكن تبعد عن مساكنهم بعد أن كانت متوفرة في جميع المنازل, إلا أن وجود المحطات التي تعمل بالطاقة الشمسية مؤخرا قد خفف من وطأة العطش وقلل الحاجة لجلب الماء من أماكن بعيدة, مضيفا أن هنالك قرى عديدة ومدن بشرق الجزيرة لجأت لتوفير الواح الطاقة الشمسية في تلك المرافق الحيوية كالطواحين ومحطات المياه حتى تتجنب المعاناة التي يتعرض لها المواطن في حال عدم توفر التيار الكهربائي, على سبيل المثال كما في قرية (بانت) توجد محطتين للطاقة الشمسية, ومحطتان أخريات تعمل إحداهما بمولد والأخرى بالديزل أي (مكنه برأس حركة) فالتي تعمل بالطاقة الشمسية هي طلمبات غاطسه، والتي تعمل بالسيور أو التوربينات ،تعمل بواسطة حركة المكنه ولا تحتاج لمولد الأمر الذي جعل من الممكن إتاحة تشغيل جميع المحطات في حال عدم توفر التيار الكهربائي كما تعمل الآن.
توقف الطواحين:
صاحب (الطاحونة) سلمان مصطفى محمد قارن في حديثه لـ( أصداء سودانية) بين عمله في السابق وبين ماحدث من تغييرات مفاجئة بسبب الحرب طرأت على جميع مناحي الحياة متحسرا على سهولة الحياة ويسرها في زمن سابق قائلا : أربعين عاما لم تغلق الطاحونة يوما أبوابها أمام الزبائن, إلا في هذه الأيام بسبب قطوعات الكهرباء المتواصلة لأسابيع, وهو أمر في غاية الصعوبة تضرر منه المواطن ضررا مباشرا ظهر ذلك جليا في معاشه، فقد كنا لا نتوقف عن العمل إلا عندما تنتهي صلاحية حجر الطاحونة والذي تنتهي صلاحيته ما بين أربعه إلى ستة أشهر حسب جودته وصنعه، وقد نقوم أحيانا بإصلاحه أو استبداله بآخر جديد ولايستغرق ذلك وقتا طويلا حتى نستأنف العمل مرة أخرى, ولأن غالبية السكان في شرق الجزيرة يعتمدون على دقيق الذرة لعمل الكسرة وهي الغذاء الأساسي لديهم ولدى معظم أهل السودان, فقد أدى إنقطاع التيار الكهربائي إلى تراكم العمل لدينا بالطاحونة وظل الجميع في انتظار عودة التيار عله يخفف عنهم ضغط الأوضاع المعيشية, فكل البدائل الأخرى مكلفة مقارنة بما يمر به المواطن من ضائقة بسبب الحرب ،فمعظم الطواحين تعمل لدينا فقط بالكهرباء باستثناء القليل ، إذ لم يسعى ملاكها لإدخال نظام العمل بالطلمبات التي تحتاج للزيت والجاز وذلك ربما تفاديا للتكلفة العالية والمشقة في توفيرهما خصوصا في هذه الأيام ، ولكن بات من الضروري السعي لتوفير ألواح الطاقة الشمسية حتى لايتوقف العمل ولتعيننا على تشغيل الطواحين لتفادي هذه الأزمات التي تحدث بسبب إنقطاع التيار المتواصل ،كما ذكر انه عندما توفر التيار الكهربائي لساعات فقط كانت الطاحونة تعج بجوالات الذرة التي بقيت في مكانها لأيام والتي حرصنا على طحنها لمساعدة الأسر التي تعتمد اعتمادا أسياسيا على دقيق الذرة مما إضطرنا أن نمكث الليل بطوله حتى ساعات الصباح الأولى لتلبية احتياجات أهل القرية وتوفير دقيق الذرة الذي يقضي حاجتهم من الطعام.
عودة مكواة الفحم :
ربة المنزل علياء بله:متحدثة عن أهمية وجود الكهرباء في حياتها, قالت إنها الوسيط الذي يربطنا بمواصلة الحياة دون تعب لذا لا يمكن الاستغناء عنها،بعد أن دخلت في كافة اهتماماتنا من ماكل ومشرب وملبس، انقطاعها عنا لأيام جعلنا نلجأ لبدائل عفى عنها الزمن وكنا نظنها انقرضت،إلا أن بعض ربات المنازل اثبتن عكس ذلك فمازال البعض باقيا عليها كإرث بعد بحث دؤؤب نفضن الغبار عن مكواة الفحم التي لم يعد العثور عليها سهلا في هذه الأيام إلا أن الحاجة أحيانا تفرض واقع مختلف.
أيام حالكات:
سلوى جعفر معلمة بمرحلة الأساس, قالت أسوء ما يمكن أن يتعرض له الإنسان أن يعيش في ظلام حالك لأيام، ولعل انقطاع التيار الكهربائي عنا أحدث خللا حتى في ميزانيتنا اليومية والتي كثيرا ما يعمل استقرار التيار الكهربائي فيها على تسهيل متطلباتنا وترتيب أولوياتنا المنزلية, فحاجتنا لتشغيل الثلاجات لحفظ الأطعمة والخضروات واللحوم لها أهميتها في هذه الأوضاع القاسية التي نمر بها بسبب الحرب ، مضيفة أن انقطاع التيار لأيام أنسانا طعم الاستجمام وزاد من معاناتنا (واشتهينا شراب المويه الباردة).
فقدنا هذه الخاصية:
كمال محمد تاجر خضروات, أكد أن الأيام الفائته شهدت كسادا في معظم السلع الغذائية الإستهلاكية اليومية التي تعتمد إعتمادا كبيرا على وجود التيار الكهربائي كالخضروات والفاكهة واللحوم والزبادي وغيرها من المواد التي يبقيها التبريد والتكييف محفوظة لأيام حتى ولو قليله دون أن تتعرض للتلف, ولكن مع انقطاع التيارالكهربائي فقدنا هذه الخاصية وأصبحنا نحرص على خفض كمية الخضروات المعتادة والتي نقوم بشرائها وتوفيرها للزبائن, والتي قد لا تكفي أحيانا سد حاجتهم لقلتها وذلك خوفا من إعراض البعض عن شرائها مع عدم وجود الكهرباء, ونأمل أن يعود التيار الكهربائي لننعم باستقراره وبعودة الحياة.