الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزيز في حوار الأرقام (1-2)

  • الخروج من نفق الأزمة الاقتصادية يتطلب القضاء تماما على مليشيا آل دقو الإرهابية
  • خسائر قطاع الكهرباء والمياه يقدر بنحو 10 مليارات دولار
  • تسع مناطق صناعية بولاية الخرطوم أصابها الدمار الشامل
  • تقدر خسائر القطاع التجاري وخسائر قطاع السياحة والفنادق بنحو 15 مليار دولار

حاورته بالقاهرة- ناهد أوشي:
كشف مدير مركز التكامل المصري السوداني الخبير الاقتصادي د. عادل عبد العزير حجم الدمار والخسائر التي تكبدها الاقتصاد السوداني جراء الحرب والتي تقدر بنحو 108مليارات دولار, وأجرى مقارنه ما بين الاقتصاد قبل الحرب وبعده ونبه لأهمية تغيير المفاهيم الاقتصادية لما بعد الحرب, وقال لابد أن يكون الاقتصاد مختلفاً جذرياً عن ما قبل الحرب وتطرق لكيفية إعمار السودان والأدوار الخارجية خلال الحوار التالي:
* حدثنا في البداية عن الوضع الاقتصادي الراهن؟
-منذ حوالي العامين فإن السودان يعيش في حالة حرب شاملة ألقت بظلالها على كل نواحي الحياة، وبالطبع تأثر الاقتصاد بشدة لأن الحرب أوقفت العمل والإنتاج وأحدثت دمار كبير في البنيات التحتية المساعدة على الإنتاج.
قُبيل الحرب كان البنك الدولي قد قدر أن الاقتصاد السوداني سوف ينمو بنسبة 0.5% خلال العام 2023، ولكن بسبب الحرب قدر أن الناتج المحلي كان سالباً للعام 2023 بنسبة لا تقل عن 15%. وبنسبة لا تقل عن 20% للعلم 2024
لقد قُدر الناتج المحلي الإجمالي للسودان في العام 2022 بقيمة 16 ألف مليار جنيه بالأسعار الجارية تعادل حوالي 32 مليار دولار أمريكي
وكانت مساهمات القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي كالاتي:
قطاع الخدمات 56.7% ,
الصناعي 14.4% , الزراعي 28.9
وخلال العام 2022 أيضاً كان
اجمالي الإيرادات العامة والمنح 1411 مليار جنيه، منها الضرائب وتمثل نسبة 45% من اجمالي الإيرادات العامة، الرسوم الإدارية ودخل الملكية وعائدات النفط ورسوم العبور وتمثل 43%، المنح الأجنبية وتمثل 12%
وعلى هذا فإننا نقدر خسارة الإيرادات العامة خلال العامين الماضيين بحوالي 5 مليار دولار، فيما نقدر خسارة الناتج المحلي الإجمالي بحوالي 30 مليار دولار. لا تشمل هذه التقديرات بالطبع خسائر البنيات التحتية العامة والخاصة.
خسائر الإيرادات العامة ألقت بظلالها على قدرة الدولة في إدارة المرافق العامة مثل الصحة والتعليم والكهرباء ومياه الشرب التي تدهور الأداء فيها بصورة جلية، فيما أدت خسارة الناتج المحلي الإجمالي لتدهور سعر الصرف وارتفاع نسب التضخم كمؤشرات أكيدة على التدهور الاقتصادي العام.
*وماذا عن كيفية الخروج من نفق الأزمة؟
-الخروج من نفق الأزمة الاقتصادية يتطلب أولاً القضاء على تمرد مليشيا آل دقو الإرهابية قضاءً تاماً ليتوفر للمواطنين ورجال الأعمال الأجواء الآمنة التي تمكنهم من معاودة أنشطتهم الاقتصادية, ومن بعد ذلك تعمل الحكومة على حشد الموارد الداخلية والخارجية لاستعادة حركة الاقتصاد وتحقيق النمو.
*الحرب ألقت بظلالها السالبة على القطاعات الاقتصادية، ما هي أكثر القطاعات تأثراً؟
-تأثرت القطاعات الاقتصادية بسبب الحرب بنسب متفاوتة، لقد تم تقدير خسائر البنيات التحتية العامة في قطاع الطيران المدني التي تشمل الأضرار الجسيمة التي أصابت مطار الخرطوم ومطار مروي، ومطار الأبيض، ومطار الشهيد صبيرة بالجنينة، حيث تم تدمير الطائرات الرابضة، وتدمير وسائل وآليات الاسناد الأرضي، وأبراج المراقبة، وتخريب وتجريف المدرجات، وحرق صالات الركاب، ومخازن البضائع، قدرت هذه الخسائر بحوالي 3 مليار دولار.
خسائر البنيات التحتية العامة في قطاع الوزارات والمؤسسات تشمل إحراق وتدمير الوزارات والمصالح والمرافق الحكومية، وبنك السودان المركزي وفرعه الرئيسي بالخرطوم، ومطبعة العملة، وأبراج الشركات العامة، والجامعات الحكومية، والمتاحف، ودار الوثائق القومية، وتدمير جزء من كبري شمبات، وجزء من خزان جبل الأولياء، وتدمير وحفر الخنادق في أغلب طرق ولاية الخرطوم وولاية الجزيرة وولاية سنار ومدن نيالا والفاشر والجنينة والأبيض وزالنجي، تقدر هذه الخسائر بنحو 10 مليارات دولار.
خسائر البنيات العامة في القطاع الصحي تشمل تدمير وحرق نحو 90 مستشفى ومركز طبي على مستوى ولاية الخرطوم، ونحو 50 مرفق طبي بولايات غرب وجنوب دارفور وشمال كردفان، وولايتي الجزيرة وسنار, لقد طال الدمار والحرق أجهزة تشخصية عالية القيمة، فضلاً عن الاليات والمتحركات ومولدات الكهرباء. تقدر هذه الخسائر بنحو 5 مليارات دولار
أما في قطاع الكهرباء والمياه فقد تم تدمير ونهب محطات المياه ببحري، والمنارة، والمقرن، وصالحة، وبري، ومحطات المياه والابار بالأبيض والجنينة ونيالا وزالنجي والجزيرة وسنار. فيما تم تدمير عدد هائل من محطات توليد الكهرباء ومنشئات التحويل وأبراج الضغط العالي والمنخفض، تقدر خسائر قطاع الكهرباء والمياه بنحو 10 مليارات دولار.
*وكيف هو الحال بالنسبة لخسائر القطاع ىالخاص؟
-على مستوى خسائر القطاع الخاص والأهلي فقد تم تدمير ونهب كل الأسواق الرئيسة بولاية الخرطوم، ويشمل ذلك سوق سعد قشرة ببحري، وسوق بحري الكبير، وسوق ليبيا، والسوق العربي، والسوق الإفرنجي، وسوق المعدات الكهربائية بشارع الحرية، وأسواق أخرى صغيرة متعددة. بما في ذلك عمارة الذهب، ومتاجر المجوهرات والتحف على مستوى ولاية الخرطوم, وتم نهب وحرق الشركات الكبرى والصغرى والمولات في هذه الأسواق وعلى الطرق الرئيسة بولاية الخرطوم, كما تم نهب رئاسات وأفرع كل البنوك بولاية الخرطوم وولايات غرب وجنوب دارفور والجزيرة وسنار, وتم كذلك نهب وحرق وتدمير الفنادق الكبرى والمنشئات السياحية بكل ولاية الخرطوم. تقدر خسائر القطاع التجاري وخسائر قطاع السياحة والفنادق بنحو 15 مليار دولار.
شملت خسائر القطاع الصناعي التدمير الشامل لتسعة مناطق صناعية على مستوى ولاية الخرطوم، والمنطقة الصناعية الكبرى بمدينة نيالا والمنطقة الصناعية بمدني وسنار. تم تدمير ونهب وحرق مرافق صناعية كبرى مثل المطاحن الكبرى سيقا وويتا وسين بمدينة بحري والتي تعد الأكبر على مستوى افريقيا كلها، فضلا عن مصانع الأدوية، ومصانع انتاج وتعبئة المواد الغذائية والمخازن الجافة والمبردة بالمنطقة الصناعية سوبا ومربع 35 بالخرطوم وأمدرمان، تقدر خسائر القطاع الصناعي بحوالي 30 مليار دولار.
*وكيف ترى الوضع عن الخسائر التي أصابت المواطنين بنهب مساكنهم؟
-فيما يلي مساكن المواطنين وممتلكاتهم الخاصة وسياراتهم فيقدر أن حوالي عشرة ألف مسكن بولاية الخرطوم وحدها قد تم نهبها بالكامل بما في ذلك الخزائن الخاصة, فيما يقدر عدد السيارات الخاصة التي استولت عليها مليشيات الدعم السريع المتمردة بحوالي 30000 مركبة مختلفة الأنواع والموديلات, وتقدر خسائر المواطنين الخاصة بنحو 10 مليارات دولار
وخسائر القطاع الزراعي شملت تدمير ونهب شركات انتاج الدواجن الكبرى بولاية الخرطوم والتي تعد من الأكبر على المستوى الافريقي أيضاً، وتدمير ونهب انتاج مزارع البرسيم الكبرى بشرق النيل، ومزارع الحوامض والبطاطس بغرب النيل. ونهب وحرق وتدمير مخازن المبيدات والأسمدة والتقاوي بشركات الإنتاج. تقدر خسائر القطاع الزراعي بنحو 10 مليارات دولار
بناءً على ما تقدم فإن جملة خسائر القطاعات الاقتصادية المختلفة حسب هذه التقديرات تقدر بحوالي 108.8 مليار دولار, غير أن ما فات الناس من كسب، والخسائر الناجمة عن عدم تدوير المال في الأنشطة المختلفة تتجاوز هذه القيمة بكثير.