مياه البحر الأحمر ..الأزمة والمعالجات (2) 

 

بورتسودان – أحمد عمر خوجلي :

 

فجرت تداعيات إنهيار سد أربعات ، قضية مياه مدينة بورتسودان وكل ولاية البحرالأحمر مجدداً وبقوة ، إذ أن سد أربعات عبر مخزون المياه المباشر ومجموعة الآبار في داخل المجرى وحوله هي مصادر المياه الوحيدة تقريبا التي تغذي المدينة ، وقد ظل هاجس المياه في المدينة أحد الهواجس والمشاكل المزمنة التي أعيت المسؤولين، وكنا في الحلقة الأولى قد وقفنا على طبيعة الأزمة وتاريخها ووجوهها المختلفة وما كان ماضيا من معالجات لموضوع مياة ولاية البحرالأحمر ،

جهود ما قبل الكارثة:

قبل حلول كارثة السيول والفيضانات الآخيرة وانهيار سد أربعات كانت حكومة البحر الأحمر والدولة مستمرة في بذل جهود لحل المشكلة المزمنة التي تعاني منها الولاية .

فقد تم عبر منحة من المملكة العربية السعودية تمويل حفر 15 بئر وانتهت عمليات حفر حوالي 10 آبار كان المتبقى لها هو التركيب، وهناك إجراءات خاصة بتوريد عدد 7 طلمبات طاقة شمسية بسد ( موج) الذي ينتج 10 ألأف متر مكعب يوميا، كان من المنتظر أن تزيد الكمية بعد الانهاء من الطلمبات وتتم المحافظة على ثبات كمية المياه بسبب عدم التأثر بمشاكل عدم استقرار الكهرباء ، وتكلفة الطلمبات تصل إلى 160 مليون جنيه .

وهناك اتجاه آخر بتوريد مجموعة طلمبات غاطسة ومحورية تصل تكلفتها إلى 253 مليون جنيه وتم طرح عطاء .

ومن المشاريع التي تزيد من انجاح مجهودات الحل كان توريد محطات تحلية إلى بورتسودان بنظام (البووت) وهناك لجنة لمتابعة والإشراف على الأمر وكان والي الولاية قبل اسابيع قد افتتح محطة تحلية بمنطقة (سلبونا) تنتج ما يصل إلى مليون لتر يوميا .

وذكر تقرير صادر من اللجنة المكلفة بمعالجة مشكلة المياه الجهود التي بدأت وقطعت شوطا معقولا المتمثلة في تركيب عدد 32 طلمبة ب (أربعات) عبرالبنك الافريقي للتنمية بجدة ، وايضا عبر تمويل من ذات البنك ووزارة المالية الاتحادية كان هناك مشروع تكملة العقدين الموقعين مع شركة هيوا الخاصين بتأهيل وتركيب طلمبات ولوحات تحكم وتشبيك بالخطوط الناقلة لعدد 32 بئر ب(أربعات) ،حيث كانت صيانة محطة تحلية الشاحنات من تلكم الجهود قيد التنفيذ وتمويلها مشاركة بين البنك الافريقي ايضا والمالية الإتحادية والولاية .

كما أشار التقرير إلى جهود أخرى منها تأهيل الوجه للخزان الرابع باربعات ونظافة المسكيت ، وكذلك تأهيل الخطوط اسفل السد لتقليل الفاقد ، وعمل وحدة ضخ للإستفادة من متبقي المخزون وهي دراسة قدمتها وحدة مياه الشرب بالولاية .

 

حلول عاجلة:

ووضعت اللجنة في تقريرها حلولا عاجلة وسريعة لمشكلة المياه تمثلت في انشاء محطة تحلية عائمة لمياه البحر الأحمر بطاقة 20 ألف متر مكعب ، وكذلك الاستفادة من المشروعات المتعاقد عليها مع البنك الإفريقي والمنحة السعودية، وقال التقرير إن مشروعات هذه المرحلة من الحلول العاجلة اتصلت بالعمل على شراء محطة التحلية العائمة بتكلفة 15 مليون دولار لدعم مياه مدينة بورتسودان ، تأهيل محطة تحلية الشاحنات بطاقة قدرها 3 ألف متر مكعب يوميا ، وكذلك تكملة آبار المنحة السعودية وتركيبها وتوريد طلمبات الطاقة الشمسية لسد (موج) .

 

حلول متوسطة المدى:

من مشاريع الحلول متوسطة المدى انشاء سد (عروس) وتنفيذ محطات تحلية بنظام البووت وكذلك حفر آبار جوفية وسطحية لمدن وأرياف الولاية ، وأشار التقرير إلي أن سعة سد عروس تصل إلى 7 مليون متر مكعب وتبلغ تكلفته 4.6 مليون دولار بتمويل إتحادي وولائي، بالأضا لحفر آبار جوفية وسطحية عددها 60 يمكن أن توفرما يصل إلى 50 ألف متر مكعب بعدد من المدن وأرياف الولاية وتبلغ كلفتها 1.2 مليون دولار .

 

الحلول النهائية :

وأشار معدو التقرير إلى أن هذه الحلول تستند على رؤية تقوم بالعمل على مد مدينة بورتسودان بالمياه من مصادر خارجية كحل نهائي للمشكلة ، وأشار التقرير إلى ثلاثة خيارات ، الأول يتصل بمد أنبوب من النيل من اقرب نقطة في ابي حمد مرورا بمنطقة صمد الأكثر ارتفاعا قريبا من جبال اركويت والتي تحتاج إلى طاقة تشغيلية أكبر لضخ المياه ، والخيار الثاني هو مد أنبوب من النيل جنوبي عطبرة وهو خيار اعتمده الخبراء والمهتمين بقضة مياه بورتسودان، أما الخيار الثالث هو إنشاء ترعة من خزان خشم القربة تمر ببحيرة اصطناعية بمنطقة همشكريب ، ثم تنحدر إلى جنوب طوكر لتغذية بحيرة أخرى هناك ، وهذا المقترح تقدم به الخبير المائي هباني منذ السبعينيات ( ترعة هباني)، وتصل كلفة توصيل الأنبوب من مياه النيل إلى 700 مليون دولار بمعدل مياه يبلغ 120 ألف متر مكعب يوميا ، ويمر بعدد من المحليات وان المياه التي ستتوافر من هذه الخيارات هي مياه عذبة.

وتتصل مشاريع حل مشكلة المياه بتأهيل الشبكة الداخلية داخل مدينة بورتسودان بتكلفة تصل إلى 60 مليون دولار، أما مياه خور بركة فتقدر بـ 50 ألف متر مكعب يوميا وتستهدف بحسب المسار محليتي طوكر وسواكن محلية أو مدينة بورتسودان .

 

حل المشكلة المزمنة:

وأشارالتقرير إلى أن الحلول المقترحة بالمحورين الأول والثاني حلين مؤقتين ، بينما مشروع مد الأنبوب هو الحل النهائي للمشكلة .

وأن الاعتماد على مياه الأمطار غير مضمون الجانب ، أما إنشاء محطات تحلية مياه البحر فالمتر المكعب يكلف قرابة الدولار ، بينما المتر المستجلب من النيل اقل من ذلك ،

، وأكد التقرير ان مشروع الأنبوب الناقل يضع حدا لمشكلة مياه بورتسودان المزمنة، ويحمل معه عدد من الفوائد الإقتصادية للدولة ويساهم في دعم اتجاه الدولة في تطوير الموارد غير البترولية بتوسيع نطاق التنقيب عن الذهب الأهلي والنظامي ، وكذلك النهوض بقطاعات الصناعة والسياحة ، وتمكين الحكومة الولائية من تأسيس بنية تحية لمشاريع إستثمارية اقتصادية ضخمة في مجال الصناعات ومناطق حرة للتجارة الدولية ، وكذلك تحديث المرافق الخدمية والسياحية بالمدينة التي شهدت في السنوات الماضية إذدهارا في مجالات السياحة