الموسيقار الصافى مهدى لأصداء “تفاصيل” (١-٢)

 

حاورته/ حنان الطيب

*أصوات سودانية كورال يضم فنانين من مصر

*الموسيقى تعيد التوازن والاحساس بالحياة

الفنان الموسيقي الصافى مهدى يعمل بصمت دائماً ليخرج بعدها بأعمال مدهشة. هو الآن متواجد بالقاهرة وبدأ في تكوين كورال من عشرين فنان وفنانة بينهم عازف مصري الجنسية بالإضافة إلى فنانة شابة بين الفنانات المغنيات، التقينا به في هذه المساحه نتجاذب معه أطراف الحديث عن موضوعات مختلفة.

 

– بدايةً حدثنا عن أثر الحرب عليكم كفنانيين تحديداً؟

-أثرت الحرب على الفنانين كما أثرت على جميع السودانيين بالنزوح الداخلي أولاً من الخرطوم إلى الولايات والمدن المجاورة ثم إلى دول الجوار مثل مصر وتشاد وجنوب السودان و ليبيا و غيرها. كما أثرت على العازفين بشكل أكبر لأنهم فقدوا آلاتهم الموسيقية، فقد تحركوا في ظروف صعبة جداً، لذا كان من الصعب عليهم العمل من جديد.

– كيف استطعت المواصلة بعد النزوح واللجوء ؟

_بالنسبة لي كما هو بالنسبة لكثير من الناس انه من الأفضل عمل مبادرات في مثل هذه الظروف. و لان الفنون و تحديداً الموسيقى لها القدرة على أن تساهم في توازن المتلقي نسبة لمروره بهذه الظروف الصعبة من نزوح و حرب و آثارها النفسية على الأسر و الأطفال، فتصبح ممارسة الفنون بأشكالها المختلفة سواء كانت تدريس او ممارسة العزف و الغناء تساعد كثيراً في خلق أجواء تساعد في التعافي و الشفاء. و هذا النوع من المبادرات يساعد في تشافيك انت على المستوى الفردي . حيث تكمن نجاة الفرد و سلامته النفسية في قدرته على العطاء للمجتمع من حوله، اذا كان في المدن السودانية التي نزح إليها الكثيرون او خارج السودان في أكثر الأماكن التي يتواجدون بها، حيث أن هذا النوع من المبادرات تقدم لغيرك و لكن عطاءك و تقديمك للغير هو العامل الأساسي في شفاءك و توازنك على الصعيد الشخصي.

– ماذا تقول للآخرين الذين تضعفهم مثل هذه الازمات ويفضلون الابتعاد عن الساحة الفنية؟

_ على الجميع ألا يستسلموا للظروف من حولهم. يمكن البدء من أي شيء ، او يمكن للشخص البدء بالمعرفة و التجربة الشخصية و أن يحاول تقديمها، فمثل هذه المبادرات تفتح أبواب خير كثيرة جدا لكل الناس.

في تجربتي و تنقلي خلال فترة سنة و نصف منذ ابتداء الحرب، رأيت عدداً من الزملاء في مجالات الفنون المختلفة، سواء في بيوت إيواء بقينا فيها في السودان او حتى هنا في مصر، قابلنا عدد من الناس الذين كان تأثير الحرب عليهم كبير جداً، لكنهم عملوا على تفاقم هذا الأثر بالإنزواء و الإنطواء و الإستسلام للأفكار المتعلقة بآثار الحرب عليهم و على أسرهم و على مجمل الشعب السوداني، و هذا ما يجعل الشخص عرضة لكمية من المشاكل يمكن أن يقع فيها هو ثم يحدث الإنسحاب و الإنطواء من الحياة الإجتماعية حوله. فالخطوة الأولى للتشافي بالنسبة لأي شخص هي قدرته على الخروج للناس و عمل مبادرات و التقديم، وليس بالضرورة أن ينتظر عائد. وهناك من يقوم بعمل المبادرات ولكن الهدف منها أن يستثمر في معرفته و تجربته في مجالات الفنون بعمل دورات و كورسات مدفوعة الأجر، وهذا ليس سلوك انتهازي أبداً، بل انه يريد أن يكسب لقمه عيش من معرفته، لكن المشكلة الكبيرة تكمن في أن ثلث الأشخاص الذين ستقدم لهم هذه الخدمة هم من السودانيين و معظمهم لاجئين ونازحين فقدوا كل ممتلكاتهم، و بالكاد لديهم ما يسد احتياجاتهم الأساسية، لذلك فهذه التجارب لا تستمر طويلا. لكن اعتقد إذا تم تقديم الخير بأن تبادر بما لديك مجاناً للآخرين، ستفتح عليك أبواب رزق واسعة.

– هل نحتاج للموسيقى في أوقات الحرب والأزمات أكثر من أي وقت آخر؟

_ نعم هي حوجة للفنون بشكل عام في هذه الأوقات المهمة جداً، في زمن الحرب و النزوح و الآثار النفسية الكبيرة المترتبة عليها. وللفنون مساهمتها الكبيرة في هذا الوقت لانها تعيد التوازن و الاحساس بالحياة للناس ، ففي خلال سنه ونصف من قيام الحرب، كل الأخبار المتداولة عبارة عن موت و دمار و اغتصابات و مصابين و مستشفيات، لكن الفنون قادرة على لعب دورها في أن تعيد للناس ثقتهم و رغبتهم في الحياة و أن يستطيعوا العيش مع بعضهم و أن يقدّروا التنوع و الثراء الذي بينهم.