بسبب الحرب والتدهور الإقتصادي .. التكامل الاقتصادي السوداني المصري .. هل آن الأوان ؟

-
مركز التكامل السوداني المصري : 3 أسباب تشجع مصر للتكامل مع السودان
-
د. عادل عبدالعزيز:108.8 مليار دولار جملة الخسائر الاقتصادية الملموسة بسبب الحرب
-
رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الافارقة: لابد من تطبيق اتفاقية الحريات الأربع
-
رجل أعمال سوداني: ظهرت أجسام لإحداث التقارب الاقتصادي بين البلدين تبحث عن مصالح شخصية
تقرير – ناهد أوشي :
يظل حلم التكامل بين السودان ومصر يشكل رمانة لإعادة ميزان العلاقات الأزلية بين البلدين والاتجاه بها لآفاق بعيدة بحيث تتكامل موارد السودان الضخمة مع الخبرات المصرية لتنتج فوائد اقتصادية للشعبين الشقيقين .
وعادت الرغبات لتفعيل ميثاق التكامل بين البلدين- والذي وقع في 12 اكتوبر 1982 – عقب اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023 وقضت الحرب علي الأخضر واليابس في السودان ،يبنما تمر مصر بمنعطف اقتصادي خطير في ظل ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع مستوى المعيشة للموطن المصري وارتفاع معدلات الدين الخارجي المصري والذي يبلغ” 160.6″ مليار دولار حتي مارس الماضي واظهرت تلك الحرب أهمية تفعيل التكامل الاقتصادي لأجل دفع عجلة الاعمار والبناء للسودان وفي نفس الوقت زيادة معدلات الدخل للدولة المصرية والتي تبحث عن موارد حقيقية جديدة لاعادة انعاش الاقتصاد المصري بعيدا عن محرقة الديون ،ويؤسس التكامل بين البلدين في ظل هذه الظروف للمنفعة المشتركه وعلى قاعدة ( WIN/WIN ).
خسائر الحرب:
ويكشف رئيس مجلس إدارة مركز التكامل السوداني المصري د. عادل عبد العزيز جملة الخسائر الملموسة للقطاعات الاقتصادية المختلفة بسبب الحرب في السودان والتي تقدر بحوالي (108.8) مليار دولار،غير أن ما فات الناس من كسب، والخسائر الناجمة عن عدم تدوير المال في الأنشطة المختلفة تتجاوز هذه القيمة بكثير .
ويري أن تعويض الخسائر الكبيرة التي أصابت الاقتصاد السوداني وإعادة تأهيله فضلاً عن تعويض المستهلكات الهائلة في الأسلحة والمعدات للجيش السوداني وقوات الشرطة والأمن تحتاج لمساعدة خارجية كبيرة، ومصر هي أكثر الدول المؤهلة لتقديم مثل هذه المساعدة، ذلك لأن مصر تعتبر الشريك الاستراتيجي الأنسب للسودان.
بجانب أن من مصلحة مصر الشراكة الاستراتيجية مع السودان لأسباب عدة على رأسها الفقر المائي في مصر ورغبتها في الحفاظ على حصة مصر من مياه النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب وفقاً لاتفاقية 1959.
زيادة سكانية، ويقول د. عادل أن السبب الثاني لحتمية الشراكات والتكامل هو الزيادة السكانية الكبيرة في مصر ويبلغ عدد السكان أكثر من 105 مليون نسمة مقارنة مع موارد الغذاء المتاحة ،و أكدت وزارة الزراعة المصرية أن الأمن الغذائي المصري في خطر بسبب ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً، وبسبب نمو عدد السكان مع عدم الاستقرار النسبي للمعروض من المواد الغذائية، مما يسبب عجزاً في الطلب على المواد الغذائية، وتستهلك مصر 20 مليون طن من القمح سنوياً، تنتج منها 7 مليون طن، وتحتاج لاستيراد 13 مليون طن قمح من الخارج، لتكون بذلك أكبر دولة مستوردة للقمح في العالم.
ويمكن للسودان تغطية احتياج مصر من هذه السلعة الغذائية الهامة باستصلاح التروس العليا بولايتي الشمالية ونهر النيل المجاورتين لمصر، ويتطلب هذا الاستصلاح استثمارات بحجم كبير في قطاع الطاقة.
الثروات السودانية:
أما السبب الثالث للشراكة الاستراتيجية هو امتلاك السودان لموارد اقتصادية هائلة اكلأراضي الزراعية الخصبة الخالية من الموانع والثروات المعدنية،و تحتوي أرض السودان وبحره الإقليمي والمنطقة البحرية الاقتصادية المشتركة مع السعودية على البترول والغاز الطبيعي والذهب واليورانيوم والنحاس والحديد والسيلكون والمنغنيز والكروم والكوبالت والألمنيوم والمايكا والاسبستوس بكميات تجارية قابلة للاستخراج في حال توفر الطاقة ووسائل النقل.
مخطط التكامل :
ويشير د. عادل الي ان الحرب في السودان قد غيرت الكثير من الثوابت والمحاذير التي كانت سائدة في الفترات السابقة لذا لابد من نظرة جديدة خاصة في التعامل مع مصر لان مصر تعتبر محور اساسي في اعادة اعمار السودان خلال المرحلة المقبلة و لانها تمتلك تقانات زراعية متطورة وخبرات أكبر في مجال البني التحتية و يمكن الاستفاده من القدرات الضخمة للشركات المصرية في تحقيق التنميه العمرانية ،فضلا على حوجة السودان للطاقة ويمكن زيادة سعة مشروع الربط الكهربائي ما بين مصر والسودان في حدود 110 الي 300 ميقاواط والمطلوب أن ترتفع الكمية حتي تسهم في سد النقص الكهربائي في السودان .
أيضا مصر باعتبارها مركز اقليمي يمكن أن توفر التمويل من خلال السندات والصكوك و استقطاب أموال خصوصا من الدول العربية لعمليات إعادة الاعمار في السودان.
إعادة هيكلة التكامل:
بالمقابل يؤكد رئيس جمعية رجال الاعمال المصريين الافارقة د يسري الشرقاوي لأهمية التكامل الاقتصادي المصري السوداني واعتبره من اهم المرتكزات ما بين الدولتين الشقيقتين حتي في مرحلة ما قبل الحرب حيث كان هناك ايمان عميق بعملية ومراحل وأسس هذا التكامل وقال الان وفي ظل الحرب فإننا نؤكد اهمية ان يتم العمل علي قدم وساق لاحتواء المشهد في السودان ومحاولة ربط ما تبقي من آليات ومحاور وملفات علي الصعيدين الحكومي والخاص لتأسيس بنيه تحتية اساسية تنطلق من القاهره وتتبناها منظمات الاعمال والمجتمع المدني والقطاع الخاص ترعاها حكومه البلدين بالشكل الذي يضمن ان يتم اعادة هيكلة التكامل في محاور القطاعات ( الزراعي، الصناعي ،التعليم ، الصحة )
الحريات الاربع:
وينبه الشرقاوي لاهمية التأسيس علي ما سبق في إعادة تطبيق اتفاقيات الحريات الاربعة بين البلدين ،ويضيف :لابد أن نومن تماما انه اذا أردنا ان نحدث تنمية مستدامة في دول حوض النيل او نحدث اختراق الي دول افريقيا فلابد ان تومن مصر بأن ذلك لا يأتي إلا بأن تضع يدها مع الأشقاء في السودان وان يعلم السودان إذا أراد الانطلاق في إعادة البناء بشكل جديد وتنمية مستدامة وامثل عليه الاستعانة بالخبرات المصرية والأيدي المصرية .ويبين الشرقاوي ان خريطة العالم القادمة ستحمل أهداف كثيرة اهمها التنمية المستدامة في دول حوض النيل وفوق النيل ولن يتأتى ذلك إلا من عبر تكامل اقتصادي مكتمل الاركان ليس في الشكل فقط وإنما في الشكل والمضمون.
استقطاب رجال الأعمال:
ويسير رئيس مجموعة التكامل الاقتصادي السوداني المصري د. الفاتح يوسف على ذات نسق ما تقدم به الشرقاوي ويؤكد على أهمية التكامل الاقتصادي بين البلدين في ظل توافر الموارد الطبيعيه في السودان وامتلاك مصر للتقنية والخبرات والايدي العاملة ،ويبين سعي المجموعة لاستقطاب رجال الأعمال والتحضير لفتره الاعمار من خلال حلحلة المشاكل .
التفكير خارج الصندوق:
من جهته يشير العضو المنتدب لمجموعة التكامل الاقتصادي حسان كمال الدين لأهمية تغيير المفاهيم في تنفيذ الأعمال التجارية والاقتصادية والتفكير خارج الصندوق ،وقال أن هدف المجموعة خلق مزيج اقتصادي يجمع القطاع الخاص بالبلدين حيث أن المجموعة مسجلة ضمن منظومة الاستثمار المصرية ولها سجل تجاري و قاعده بيانات مشيرا للجهود في خلق ارضية تعاون مشترك بين الجانبين مع وضع رؤية اقتصادية لإعادة بناء السودان خلال المرحلة المقبلة، بجانب اتجاه عدد من رجال الأعمال الانضواء تحت مظلة اتحاد رجال أعمال سوداني مصري مشترك.
تكامل متجذر:
من جهته يشير رئيس شعبة مصدري الجلود في السودان خالد محمود هارون إلى أن
التكامل بين مصر والسودان ازدهر خلال عهد الرئيس السوداني نميري بكل امتيازاته ومسمياته، إلا أن السياسة بين البلدين ألقت بظلالها حيث يتم التراجع عن الاتفاقيات لذا فلابد من النظر للتكامل بحذر، منبها إلى أن كثير من الاجسام الآن ظهرت لمحاولة إحداث تقارب اقتصادي بين البلدين للأسف هي محاولة البحث عن مصالح شخصية وليس بحثا عن أدوار تكاملية حقيقية يستفيد منها الكل ، ويشدد خالد لضرورة ازالة العوائق التجارية بين مصر والسودان حتى يبنى تكامل مستدام غير خاضع لتقلبات السياسة، خاصة وأن مرحلة التكامل مرحلة أشمل وتتطلب ارادة سياسية .