أرواح تنير ظلام الحرب

فوزية الكوراني
كاتبة سورية مقيمة في الإمارات العربية المتحدة
فى لَيْلَةٍ دَهْماء أَوْبل نافذتها بالحصى
كانت أصوات القذائف والصواريخ الآتية من بعيد قد غطت على صوت الحصى، فلم تسمعها لكنها قبل أن تنزل الملجأ أحبت أن تلقي نظرة على نافذته المغلقة منذ عام و أكثر، لكى تشعر بالقوة والثبات.
تجمد الدم في عروقها حين فتحت نافذتها فأصابتها الحصى ومن خلف الستائر كان خياله
يلعب كالنسيم يُلوّح لقلبها ويخترقه كما أصوات القذائف التي تخترق كل المسامع، ازدات ضرباته
هل هي تشاهد ماتشاهده في الحقيقة أم أن حلمًا أنساها هذه اللحظات العصيبة التي يعشيها سكان الحي، والملاجئ قد امتلأت. كان أخر صوت سمعته هو صوت أمها تستعجلها للنزول للملجأ عندما غابت عن الوعي! على صوت عويل والدتها وصراخها “سلمى ااااا.. سلمى ماتت” فقد كل عقله وكل اتزانه ولم يأبه لصوت صفارات الإنذار بعدم مغادرة الأبنية، هرع إلى الشارع متجاوزا كل مايحول بينه وبين بناء سلمى، وبعكازه أخذ يضرب الباب بقوة الحب والهلع والخوف على سلمى، مما سمع من صوت والدتها، وبيد واحدة اقتلع درفة الباب، ودخل ليجد سلمى ملقاة على الأرض وأمها تبكي وتحاول حملها أبعدها عنها وهي في ذهول مما ترى من هيثم وهو يحملها ويجهش بالبكاء ويصرخ؛ “سلمى لن تموتي انهضي المشوار بأوله و الحب والحرب سيتصارعان طويلًا ” وبيده السليمة! حملها ووضعها على كتفه محاولا الخروج بها إلى أقرب مشفى لكن صوت نبضها الضعيف لامس حرارة قلبه! وامتزجت الحياة بالموت فأصبحت شهقات الحياة أقوى من شهقات الموت! فتحت عيناها وطوقت رقبته بيديها وهي تهمس في أذنيه لن أموت من أجلك، ولأجل أن ينتصر الحب على الحرب.