خبير جيولوجي يحذر من انهيار سد النهضة: «قنبلة مائية خطيرة»
قال ، أستاذ الموارد المائية والجيولوجيا بجامعة القاهرة،عباس شراقي إن انهيار سد النهضة يمثل خطرا إقليميا داهما، يهدد الأمن والسلم الدوليين وهما من أبرز اختصاصات مجلس الأمن والمنظمة الأممية.
ورى عباس شراقي، في تصريحات لقناة «بي بي سي عربي»، أن الخطر الأكبر على السودان ومن بعدها مصر في حالة انهيار السد لأي سبب كان، من خلال قنبلة مائية محملة بمليارات الأمتار المكعبة من المياه، تهدد حياة نحو 20 مليون سوداني يعيشون على ضفاف النيل الأزرق، بينما تقبع إثيوبيا في أمان تام لبعد العاصمة أديس أبابا بمسافة تزيد على ألف كيلومتر عن موقع بناء السد.
ويقول عباس شراقي إن الحكومة المصرية قامت خلال السنوات القليلة الماضية بحفر آلاف الآبار الإرتوازية لتوفير مياه الري في بعض المناطق الصحراوية، والبئر الواحد يتكلف من مليون إلى 5 ملايين جنيه (102 ألف دولار) بحسب طبيعة التربة ووفرة المياه الجوفية.
ويضيف خبير الري أن الحكومة المصرية تواصل كذلك العمل على استكمال مشروع تبطين الترع، واحلال منظومة الري الحديث في الدلتا والوادي الجديد.
ويعطي شراقي مثالا لمحطات المعالجة مثل محطة بحر البقر أو غرب الإسكندرية تتكلف الواحدة منها أكثر من 50 مليار جنيه، فضلا عن تكلفة التشغيل والصيانة الدورية.
ويُقْدِر خبير المياه المصري تكلفة تعويض كل مليار متر مكعب من المياه تحجزه إثيوبيا بنحو 10 مليارات جنيه مصري، تتحملها خزينة الدولة المصرية، بسبب الكُلفة العالية لمشاريع تحلية وإعادة تدوير المياه، وتعديل التركيب المحصولي وغيرها، فضلا عن سياسات التقشف المائي.
فيما قال مستشار وزير الري المصري السابق، ضياء الدين القوصي، في حديثه لقناة «بي بي سي»، إن هناك نية لدى الحكومة الإثيوبية لبناء ثلاثة سدود جديدة على فرع النيل الأزرق في مناطق «كاردوبي، ميندايا، وبيكوابو» لتخفيف الضغط على جسم السد وبحيرته، وضمان استمرار تدفق المياه عبر توربينات توليد الكهرباء.
ويطالب «القوصي» بأن يكون لدى الحكومة خلال المرحلة القادمة نوعًا من «الخشونة» في التعامل مع الجانب الإثيوبي بشأن سد النهضة.
وأضاف أن «التعامل بطريقة الدبلوماسية الناعمة نتيجة عدم وصول ضرر سد النهضة مباشرة للمواطنين خلال سنوات الملء الأولى، لا يجب أن يكون نهجًا دائمًا لمصر، التي يجب أن تلوح بأي أوراق ضغط متاحة لديها لإجبار الجانب الإثيوبي على عدم الاستمرار في حجز المياه خلف سد النهضة وبناء المزيد من السدود الأخرى».
ووجه الدكتور بدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج اليوم الأحد، خطابًا إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة».
وأكّد وزير الخارجية، عن رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقًا صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021.
ونوه «عبدالعاطي» عن أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك.
كما أوضح الخطاب المصري لمجلس الأمن، أن انتهاء مسارات المفاوضات بشأن «سد النهضة» بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل، مع سعيها لإضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها أن تلك السياسات تنطلق من حق الشعوب في التنمية، مُشدداً على أن مصر لطالما كانت في طليعة الدول الداعمة للتنمية بدول حوض النيل، وأن التنمية تتحقق للجميع في حالة الالتزام بالممارسات التعاونية المنعكسة في القانون الدولي وعدم الإضرار بالغير وتعزيز الترابط الإقليمي.
وشدد وزير الخارجية في خطابه لمجلس الأمن على أن السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوي فيضان النيل في السنوات الأخيرة وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لسد النهضة في السنوات الماضية، إلا أن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه.
كانت اللجنة العُليا لمياه النيل قد اجتمعت برئاسة رئيس مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، وأكدت حق مصر في الدفاع عن أمنها المائي واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك على مختلف الأصعدة، كما تناولت اللجنة سبل تعزيز التعاون في حوض النيل على ضوء اقتناع مصر بضرورة تضافر الجهود لاستقطاب التمويل لتنفيذ المشروعات التنموية بدول حوض النيل الشقيقة وفقاً للممارسات التعاونية المتفق عليها دولياً، بما من شأنه تكريس الرخاء والازدهار للجميع، وتجنب الانجراف لآفاق التوتر وتقاسم الفقر التي يمكن أن تنتج عن السياسات الإثيوبية غير التعاونية.