أجانب السودان… إبعاد فوري لحملة السلاح

أكدت مصادر أمنية سودانية، اعتقال استخبارات الجيش قناصين من جنسيات دول أفريقية مدربين بمستوى عال، يعملون لمصلحة قوات “الدعم السريع”.

أثارت مشاركة مجموعات من الأجانب إلى جانب قوات “الدعم السريع” ضد الجيش السوداني في الحرب المندلعة بينهما منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023 غضب وقلق السلطات السودانية من خطورة الوجود الأجنبي غير المقنن بالبلاد، مما دفعها إلى اتخاذ خطوات صارمة وإصدار أوامر لجميع الأجانب بمغادرة جميع مناطق العاصمة الخرطوم وبقية الولايات.

مراجعات شاملة

وشرعت وزارة الداخلية وسلطات الهجرة والجوازات السودانية في تطبيق مجموعة من الضوابط تشمل سلسلة من الإجراءات لضبط الوجود الأجنبي غير المقنن تتضمن إصلاحات تشريعية ومراجعة السجل المدني والهويات الصادرة وحظر المشكوك فيها.

وأقرت الوزارة تشكيل لجان على مستوى المحليات لرصد وحصر الأجانب الموجودين فيها كما تم توجيه لجان الشرطة المجتمعية بحصر وجود الأجانب على مستوى الأحياء.

وصرح وزير الداخلية المكلف اللواء معاش خليل باشا سايرين، بأن الوجود الأجنبي بشقيه المقنن وغير المقنن ترك آثاراً سالبة على الدولة والمجتمع بمشاركة أعداد كبيرة منهم في الحرب الدائرة الآن بين القوات المسلحة والميليشيات المتمردة، مما يتطلب مراجعة هذا الوجود بطرق علمية وعملية.

ووصف الوزير المكلف، تلك الخطوة بأنها جاءت نتيجة لمشاركة مجموعات من الأجانب في الحرب بانضمامهم لصفوف قوات “الدعم السريع” سواء كمرتزقة من خارج الحدود أو لاجئين مقيمين داخل البلاد، مما أسهم في إطالة أمد الحرب.

مقيمون ومرتزقة

وزير الداخلية المكلف أكد أنه “إزاء مشاركة الأجانب من المرتزقة العابرين للحدود أو ممن هم مقيمون داخل الدولة في الحرب الراهنة بالقتال ضد الجيش والبلد التي كانوا ضيوفاً عندها من دون مراعاة لحرمتها وحسن معاملتها، كان لا بد من تصحيح مسار الوجود الأجنبي بالبلاد”.

وكانت مصادر أمنية سودانية، أكدت اعتقال استخبارات الجيش قناصين من جنسيات دول أفريقية مدربين بمستوى عال، يعملون لمصلحة قوات “الدعم السريع”.

وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا العشرات من أبناء جاليات أفريقية بعينها كانوا يعيشون في العاصمة السودانية وهم يرافقون قوات “الدعم السريع”، لأغراض القتال والتجسس والإرشاد والنهب وسرقة المنازل وترحيل المسروقات داخل ولاية الخرطوم.

مهلة للمغادرة

وأمهلت حكومة ولاية الخرطوم الأجانب الموجودين بها بطريقة غير قانونية فترة لا تتجاوز أسبوعين لمغادرة الولاية والمناطق المحيطة بها إلى دولهم، مهددة باتخاذ إجراءات رادعة لمن يوجد بالعاصمة بصورة غير شرعية بعد انقضاء المهلة المحددة، محذرة المواطنين من إيوائهم أو تأجير المنازل لهم.

وأكد أحمد عثمان حمزة، والي ولاية الخرطوم المكلف، أن القرار جاء بعدما تورط آلاف من أولئك الأجانب في القتال إلى جانب قوات “الدعم السريع” في مواجهة الجيش.

ولفت حمزة، إلى أن معظم الأجانب الذين بقوا في الولاية بعد اندلاع الحرب يقيمون بطريقة غير قانونية، وأن سلطات الولاية شرعت في عمليات إحصاء اللاجئين عبر نقاط محددة لتسجيلهم توطئة لترحيلهم إلى الولايات التي تضم مخيمات للجوء.

فوضى وتشوهات

على الصعيد ذاته انتقد الباحث والمحلل الأمني ضو البيت دسوقي، فترة ما قبل الحرب إذ شهدت فوضى جعلت الوجود الأجنبي بالبلاد يتنامى بصورة مخيفة كاد يؤثر في التركيبة الديموغرافية في عدة مناطق بالسودان، وأثار مخاوف جدية في شأن الهوية وسيادة وأمن الدولة القومي.

أوضح دسوقي أن حجم الوجود الأجنبي بالبلاد لا يزال غير معلوم على وجه الدقة ويتجاوز بكثير الأرقام الرسمية بسبب ضعف عمليات الرصد والحصر والتسجيل والمتابعة اللصيقة لكنه بدا مقلقاً في الآونة الأخيرة من خلال انتشار العصابات والتسول والمهن الهامشية.

أضاف، “فاقمت السيولة الكبيرة في ضبط الحدود والمداخل الحدودية والتساهل في تطبيق القوانين من فوضى الوجود الأجنبي وآثاره السالبة، مما أفرز بدوره تشوهات اجتماعية وجرائم التسول وتهريب البشر والاتجار بهم، إلى جانب عديد من المشكلات الأمنية والاقتصادية”.

قلق المفوضية

أكد الباحث والمحلل الأمني ضو البيت دسوقي، ضرورة تفادي الأخطاء المتراكمة في شأن الوجود الأجنبي المنفلت بتعديل التشريعات بضوابط مشددة في منح الهوية السودانية ومراجعة السجل المدني القومي وإنشاء آلية متخصصة لمتابعة وضبط الوجود الأجنبي بالبلاد، بدلاً من أسلوب الحملات الموسمية عديمة الجدوى، ووقف المرونة الزائدة في قوانين التعامل مع الأجانب في ما يخص إجراءات الإقامة واللجوء.

إحصاءات مرتبكة

وفي حين لا توجد أرقام دقيقة تقدر إحصاءات رسمية حجم الوجود الأجنبي بالبلاد بمن فيهم اللاجئون بنحو 6 ملايين و244 ألف أجنبي، لكن تقارير أخرى غير رسمية تشير إلى أن العدد الحقيقي وصل إلى نحو 11 مليون أجنبي، معظمهم من دول القرن الأفريقي تسللوا إلى البلاد بطرق غير شرعية عبر الحدود الشرقية والغربية يقيم بعضهم داخل البلاد وتتخذها مجموعات أخرى محطة للعبور إلى دول أخرى.

ويتركز وجود الأجانب بصورة أساسية في ولاية الخرطوم بعدد يبلغ نحو 4 ملايين و683 ألفاً، منهم أكثر من مليون و138 يقيمون بصورة شرعية، مقابل 3 ملايين و683 يقيمون بصورة غير شرعية.