أغاني السباتة تتسيد الساحة

خواطر فنية

صلاح عمر الشيخ

 

 

موضوع اليوم حول قضية من قضايا الفنون التي سنناقشها بتفصيل، محاولة لتحليل ما يوجد الآن في الوسط الفني، خاصة الأصوات، النسائية..

هنالك كثير من الآراء حول واقع الفنون والغناء، وفي الحقيقة في الفترة الماضية ظهرت كثير من الأصوات النسائية، وبشكل كبير جدا ما سمى بالقونات.

القونات وصف يعبر عن الفنانات اللآتي يمارسن هذا النوع من الغناء في مجال الفنون، أو الفن الشعبي، وبشكل واضح، يعتمدن هؤلاء الفنانات على حفلات الزواج والمناسبات أو بعض الحفلات العامة، لكن هذا النوع من الغناء يمارس، فى الوقت السابق كان يسمى (أغاني السباتة)، أو (أغاني البنات)، كان يقدم منذ زمن بعيد في الحفلات الغنائية، والحفلات الزواج والأفراح.

أغاني البنات كانت تؤلف وتلحن من البنات، وتستخدم فيها آلة واحدة آلة الدلوكة، السباتة هي فرش أرضي يضع فى بيوت الأفراح التي كانت تتجمع فيها الفتيات.

كانت الحفلات في أزمان سابقة مقسومة لجزئين، جزء للنساء وآخر للرجال، والبنات كن بيجلسن في الفرش على الأرض وتسمى السباتة، وتبدا الحفل بالفنانين الشعبيين، والرجال كانوا يشاركون فى الحفل وقوفا..

في الحفلات قبل أن يبدأ الفنان، كان للبنات مساحة يرددن أغانيهن.. أغاني الدلوكة أو أغاني السباتة، غالبا بمشاركة فنانة معروفة في هذا المجال، أو بدونها يغنين لوحدهن.. وهن من يألفن بعض الأغاني للتعبير عن أنفسهن من خلالها، كلمات بسيطة تعبر عن مشكلات البنات ومجتمعهن، أغاني حب وغزل في الرجال، أو عن قضايا اجتماعية..

هذه الأغاني الآن تحولت من الدلوكة إلى الآلات الموسيقية، وأصبحت جزء من الفنون التي انتشرت في هذا الوقت بالتحديد، في الماضي كان هذا الغناء محصور كما ذكرنا آنفا في بيوت الأعراس وفي هؤلاء الفتيات، لكن تحول الآن إلى صناعة.

ماذا حدث الآن؟ تحولت هذه الأغاني واصبحت الأكثر طلبا وشهرة و أصبحت جزء من من النشاط الفني يقدمنه ما تعارف عليهن بالقونات. غالبا تغيب عن اختيارتهن الأغنيات الرصينة والجادة، وكأنه أصبح هو ما يطلبه الجمهور فى الحفلات العامة وحفلات الزواج، مما جعل له رواجا كبيرا، وتحولت هؤلاء الفنانات الشعبيات، إلى نجمات كبار ومطلوبات جماهيريا، وهذا ما جعل بعض الفنانين الكبار يتجهون لتقديم هذا النوع من الاغانى.

بل إن هنالك شعراء متخصصون في هذا النوع من الغناء ، فتحولت إلى صناعة ومهنة لها شعراؤها ولها فنانات وفنانين، واختلط الأمر بين الغناء الجاد وبين الغناء الذي يقدم في هذه الحفلات، أصبح هو المصدر الأكثر ربحا والأكثر قبولا لدى المجتمع، وانتشر في وسائل التواصل الاجتماعى بل وفي وسائل الإعلام، بعد ان كانت المسألة محصورة في الحفلات، والتسجيلات البسيطة، لكنها الآن أصبحت منتشرة وسائدة ومنتشرة بشكل كبير جدا..

وفي إطار دراستي لهذه الظاهرة كنت قد سألت فنانة كبيرة ومشهورة ومعروفة عن رأيها.. قالت لي إن واحدة من مشكلات هذا النوع من الغناء هو في انتشاره، هي الأسهل وأكثر الأغنيات المقبولة.

اتفقت معي في أن المسألة تحتاج إلى ضبط، رغم صعوبة ان نتحكم في ضبطها، لأنها أصبحت ما يريده غالب الجمهور وهو الذي يسود، وهو الذي يتحكم في أساليب الغناء.

هذه مشكلة كبيرة جدا يمكن أن تواجه الفنون السودانية التي أصبح الآن كثير من الفنانين المشهورين والفنانات المشهورات يقدموا أغاني البنات وأغاني الدلوكة، وهي التي هي أصبحت مصدر الكسب والربح الأكثر و المطلوبة في المناسبات وفي الحفلات العامة.