(أصدأ سودانية) تكشف حجم الدمار الذي الحقته المليشيا المتمردة بأكبر مشروع زراعي بافريقيا

شاهد عيان يروي ما حدث في اللحظات الأولى لإقتحام المليشيا للمشروع

  • هدف المليشيا لم يكن (إحتلال) ودمدني بل (تدمير) مشروع الجزيرة
  • تقاوى المشروع معروضة للبيع بأسواق دارفور بمناطق سيطرة المليشيا
  • خروج المشروع ة لأول مرة من الدورة الزراعية منذ إنشائه قبل 100 عام
  • سرقة مدبغة الجلود البالغ قيمتها 300 ألف دولار وكل غرابيل المشروع

تحقيق- التاج عثمان:
الدمار و الخراب والنهب الذي تعرض له مشروع الجزيرة بواسطة مليشيا الدعم السريع أمر لا يصدق لم تظهر تفاصيله للعيان إلا مؤخرا بعد تحرير مدينة ود مدني.. بعدها بدأت ترشح بعض المعلومات عن النهب الذي مارسته المليشيا المتمردة في حق أكبر مشروع مروي في العالم لكنها لم تعكس الحجم الحقيقي للدمار الذي تعرض له المشروع لشح المعلومات الواردة من داخل المشروع.. (أصداء سودانية) نجحت في إستنطاق بعض شهود العيان حول الجرائم التي إرتكبتها المليشيا المسلحة بمشروع الجزيرة وتعكس عبر هذا التحقيق الصحفي حجم الدمار والخراب الكبير والمؤلم الذي لحق بأكبر مشروع زراعي مروي في افريقيا.. كما يكشف التحقيق ان هدف المليشيا لم يكن (إحتلال) ود مدني بل (تدمير) مشروع الجزيرة
شاهد عيان:
مشروع الجزيرة يعد ثروة زراعية قومية لا تقدر بثمن، فهو أكبر مشروع زراعي مروي في افريقيا تحت إدارة واحدة.. وتنبع أهمية هذا المشروع العملاق الذي تأسس عام 1925 من مساحته المروية الواسعة والتي تبلغ 2.2 مليون فدان.. وتقدر قيمته السوقية بنحو 100 مليار دولار يقول المصدر شاهد العيان على جرائم المليشيا التي إرتكبوها في حق مشروع الجزيرة
لاحظت ان عددا كبيرا من جنود الدعم السريع بعد ان إحتلوا مدينة ود مدني توجهت قوة كبيرة منهم مباشرة لمشروع الجزيرة وسيطروا عليه بالكامل وتمركزوا داخله بالتزامن مع قواتهم التي إحتلت وتمركزت بود مدني.. أولا قاموا بطرد العمال والمزارعين من داخل قرى المشروع تحت تهديد السلاح، ولذلك خرجت معظم العائلات من المشروع فخلي الجو بعدها تماما لمليشيا الدعم السريع المتمردة فعاثوا فيه نهبا وتدميرا.. وأؤكد إستنادا على ما شاهدته بنفسي داخل المشروع فور إقتحامه بواسطة الجنجويد، ان ما حدث للمشروع ليس عشوائيا بل عمل مقصود مخطط له سلفا وهو فوق قدرة وعقلية عصابات الجنجويد لأنهم عند دخولهم مدينة ود مدني سمعت بعضهم يسألون المواطنين هناك عن المشروع بقولهم: اين حواشات الجزيرة؟ وبعضهم كان يسأل: (وين غابة الجزيرة البزرعوا فيها القطن؟), ذلك يعني أنهم يجهلون تماما هوية مشروع الجزيرة، لدرجة انهم كانوا يعتقدون انه (غابة) والبعض أطلق عليه (مزرعة).. وهذا دليل ساطع وواضح انهم لا يفقهون شيئا عن مشروع الجزيرة بل أنهم مدفوعين من جهات خارجية لنهب وٍتدمير المشروع بالكامل.. لاحظت ان بعضهم توجه مباشرة إلى مخازن التقاوى والأسمدة وقاموا بنهبها وتفريغها من محتوياتها تماما ونقلها عبر شاحنات خارج المشروع، وحسب ما صرح به بعض المواطنين أنهم شاهدوا تقاوى مشروع الجزيرة تباع بالمناطق التي تحت سيطرة المليشيا بدارفور، ما ينم انهم يدركون طبيعة ما ينهبونه وأهميته، وواضح ان الطابور الخامس قد مدهم ببعض المعلومات عن المشروع ومواقع مخازن التقاوى والأسمدة والارشيف الذي يحوي كل صغيرة وكبيرة عن مشروع الجزيرة والذي تعرض لتلف كبير ونهب محتوياته المعلوماتية المهمة.. عموما وحسب مشاهداتي الميدانية لما فعله الدعم السريع بمشروع الجزيرة أؤكد ان هدف المليشيا في المقام الأول لم يكن مدينة ود مدني بل مشروع الجزيرة.
جرد المنهوبات:
مؤتمر الجزيرة كيان مدني يعمل جاهدا على كشف الإنتهاكات بعد سيطرة الدعم السريع على ولاية الجزيرة، كشف مؤخرا وبعد تحرير عاصمة الجزيرة الخضراء مدني جرد لمنهوبات المشروع، بجانب معلومات جد خطيرة عن حجم الدمار والخراب والنهب الذي تعرض له مشروع الجزيرة، شملت: مدبغة الجلود والتي تبلغ تكلفتها حوالي 300 ألف دولار، ومخازن التقاوى والأسمدة، والمكاتب، والسيارات، والمنقولات، والحاصدات.. وتقدر الخسائر بملايين الدولارات.. فمنذ سيطرة المليشيا قبل عام على مشروع الجزيرة إرتكبت إنتهاكات كثيرة ضد المدنيين العاملين في المشروع حيث نهبت المنازل والمؤسسات، ونهب نحو 60 بالمائة من ماشية المشروع التي يبلغ عددها 11 مليون رأس، أي ان الماشية التي نهبتها المليشيا من مشروع الجزيرة فقط بلغ عددها 6 مليون و600 ألف رأس
الأمين العام لمؤتمر الجزيرة المبر محمود في تصريح سابق له لسودان تريبون كشف من جانبه ان إجمالي السيارات المنهوبة بواسطة المليشيا المسلحة بلغ 245 سيارة، منها 45 شاحنة نصف نقل بوكس دبل كاب، و200 سيارة، بجانب تدمير ونهب عدد كبير من منازل العاملين بالمشروع البالغ عددها 33 ألف منزل وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية للمليشيا المتمردة.. اما الرصد المبدئي للمنهوبات فقد اظهر سرقة 82 مكتبا من مكاتب مشروع الجزيرة، ونهب 50 جرارا وغربالا جديدة تبلغ قيمتها نحو 900 ألف دولار.. كما تعرضت 200 مخزن بالمشروع للنهب والتدميرـ إضافة إلى تفكيك الجملونات ــ مخازن الزنك الكبيرة ــ وترحيلها لخارج الولاية وغالبا لولاية دارفور
إستنادا للمعلومات المؤكدة التي تحصلت عليها الصحيفة من مصادرها بالمشروع، فإن المليشيا سرقت كميات كبيرة من التقاوي والأسمدة من مخازن المشروع تقدر قيمتها بأكثر من 500 ألف دولار.. كما تم نهب وتحطيم كل أثاثات مكاتب المشروع والأجهزة اللإلكترونية التي تشمل أكثر من 100 جهاز حاسوب
من جانبها أصدرت لجان المقاومة بمدني بيان صحفي أوضحت فيه ان قوات الدعم السريع نهبت الآف الأليات الزراعية من جرارات وترلات وحاصدات ودساكي وكل أدوات التحضير الزراعي والاسمدة والتقاوي وقامت بترحيلها خارج الولاية وتحديد لدارفور.. بجانب سرقة كل محاصيل المزارعين الشتوية والصيفية بالكامل
كارثة حقيقية:
الدمار والخراب والنهب الذي قامت به مليشيا الدعم السريع المتمردة تسبب في كارثة زراعية إقتصادية حقيقية، فلأول مرة في خروج مشروع الجزيرة عن العمليات الزراعية المختلفة منذ إنشائه عام 1925.. ومعروف ان ولاية الجزيرة تتمتع بمساحات زراعية شاسعة تصل في مجملها إلى 5.8 مليون فدان صالحة للزراعة منها 2.6 مليون فدان مروية، ومليون فدان مطرية، وبقية الأراضي قطاع نيلي وغابات.. إضافة لثروة حيوانية تقدر بحوالى 2.5 مليون راس من الابقار والخراف والماعز.. وإتهمت لجان المقاومة بمدني قوات الدعم السريع بتعمد تهجير سكان ولاية الجزيرة قسريا وتدمير البنيات الزراعية بشكل متعمد ممنهج مقصود بهدف إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.
ويعد إجتياح مليشيا الدعم السريع المتمردة لولاية الجزيرة في ديسمبر 2023 كارثة زراعية حلت بالبلاد، لخروج مشروع الجزيرة قسرا عن الدورة الزراعية للمرة الأولى في تاريخه منذ إنشائه قبل 100 عام، وفقدت البلاد بذلك مساحة 2 مليون فدان، ونحو 65 في المئة من إنتاج محاصيل القمح والذرة والقطن، وبسبب ذلك واجه نحو 26 مليون شخص أي قرابة نصف سكان السودان نقصا في المواد الغذائية خاصة الذرة والقمح.. بجانب ما تواتر للصحيفة من مصادرها داخل المشروع ان المليشيا قامت بأعمال غريبة بتدميرها للكثير من قنوات الري الرئيسية والفرعية متعمدة تدمير البنيات التحتية للمشروع حتى لا تقوم له قائمة بعدها.. وأشارت المصادر ان عدد من افراد المليشيا يرددون على المواطنين والعاملين بالمشروع: (مشروع الجزيرة ملكا لنا ولذلك قمنا بإستعادته), طبعا كانت (خطرفتهم) هذه قبل تحرير الجيش لود مدني بما فيها مشروع الجزيرة