(أصداء سودانية) تكشف تفاصيل الهروب الجماعي للمواطنين من توتي ( 1ــ 2)
- عصابات (ياجوج وماجوج) تستبيح جزيرة توتي!!
- المليشيا تغتال عددا من المواطنين شنقا حتى الموت
- الجنجويد ينهبون المراكب المخصصة لنقل الموتى لدفنهم بمقابر حلة حمد ببحري
- ما طبيعة البيان الذي أذاعه قائد المليشيا على المواطنين من داخل مسجد توتي الكبير؟!
تحقيق: التاج عثمان
(أصداء سودانية) أول صحيفة تكشف معاناة سكان جزيرة توتي لقرابة السنتين لحبسهم بواسطة المليشيا ومنعهم من المغادرة وإستخدامهم كدروع بشرية خوفا من طيران الجيش الحربي وذلك عبر تحقيق صحفي نٌشر بعددها الصادر الأثنين الموافق (14) أكتوبر الجاري .. أشرنا فيه إلى أن الحصار تسبب في كوارث وويلات مٌفجعة للمواطنين الرهائن من جوع ومرض وقهر وبطش وذلة ومن يرغب في الخروج وتفادي كل هذه المصائب والمحن عليه دفع أتاوة مليارية للمليشيا.. من خلال الأسطر التالية نستعرض تفاصيل رحلة الهروب الجماعي للمواطنين من توتي وحتى مدينة شندي عبر سهول البطانة حيث توجد عشرات الإرتكازات وما صاحبها من رعب وبطش من المليشيا المنتشرين هناك خاصة في منطقة الحاج يوسف ببحري .. فلندع ممثل المواطنين الذين نجحوا في الهرب من الجزيرة المحاصرة يحكي على لسانه تفاصيل رحلة الهروب الجماعي لمواطني توتي إلى شندي ثم بورتسودان
إنتقام المليشيا:
قبل عبور الجيش كبري الحديد امدرمان كان وضع سكان توتي المحتجزين بواسطة المليشيا لا بأس به، ولكن عندما عبر الجيش الكبرى هرب الدعامة من توتي ولم يبق منهم أحد فقام السكان بالإحتفال وأطلقت النسوة الزغاريد لتخلصهم من كابوس الجنجويد الذي يحاصرهم داخل الجزيرة ويمنع خروجهم منها إلا بعد دفع اتاواة مالية مبلغ مليون جنيه لكل شخص يرغب في المغادرة وتسري الاتاوات على الأطفال أيضا!!.. ولكن صباح اليوم التالي مباشرة فوجئنا بإقتحام أو في الحقيقة غزو من عصابات (ياجوج وماجوج) والتي علمنا أن المليشيا جلبتهم من حي مايو جنوب الخرطوم .. وكان عددهم كبيرا ويستغلون دراجات بخارية كل موتر به ثلاثة من أفراد هذه العصابات يحملون أسلحتهم الرشاشة، وقاموا تحت تهديد السلاح بتجميع سكان توتي وخاطبوهم بقولهم:
(إنتو يا ناس توتي إحتفلتوا بعبور الجيش لكبري الحديد ونسائكم أطلقن الزغاريد، وطلعتوا فينا دعاية أن الدعامة هربوا من توتي خوفا من الجيش وأن بعضنا إستسلم.. وهذا يعني أن كل سكان توتي إما مع الجيش أو فلول، ولذلك سوف ننتقم منكم ونؤدبكم).
بعدها مباشرة إنصرفوا وإجتمعوا مع بعض (الشفشافة) المتخصصين في عمليات النهب وقسموهم لمجموعات كل مجموعة تقوم بنهب حي أو أثنين من أحياء توتي.. وعلى الفور قامت العصابات برفقة الجنجويد، المسلحين طبعا بنهب كل ما يخطر على بالكم داخل الجزيرة المستباحة: المنازل، المتاجر، الجزارات، محلات الخضار والفاكهه، الصيدليات، المخازن، المدارس، أجهزة الطاقة الشمسية المستخدمة بكثرة في توتي.. بل ونهبوا حتى موتورات القوارب التي كان سكان الجزيرة يستغلونها لحمل (الجنائز) عبر النيل للمقابر المخصصة لدفن الموتى والتي تقع بمقابر حلة حمد وتحديدا شمال قبة الشيخ حمد ود أم مريوم، ثم أطلقوها في النيل ومعها المراكب التقليدية ليحملها التيار بعيدا.. بإختصار الجنجويد وعصابات (ياجوج وماجوج) نشفوا جزيرة توتي تماما وأفرغوها من كل شيئ، وذلك نهارا جهارا على عينك يا تاجر وعلى مرأى ومسمع من كل سكان توتي ومن يعترض على عمليات النهب يتم شنقه امام السكان الآخرين، والمحظوظ يضربونه ضربا مبرحا بالسياط والدبشك وإذا سقط على الأرض تنهال عليه (الشلاليت) والعصى، لم يسلم منهم حتى الأطفال والنساء وكبار السن والمرضى، حتى أصحاب (الهمم) ــ أي المعاقين ــ لم يسلموا من بطشهم وتنكيلهم وحقدهم وقسوتهم المتناهية .. بعدها جمعوا غنائمهم الحرام وشحنوها في دفارات كانت تقف على أهبة الإستعداد لهذا الغرض، وبالطبع هي الأخرى قاموا بنهبها من مناطق أخرى داخل العاصمة الخرطوم.
رعب وهلع:
لم يذق أحد من سكان توتي تلك الليلة طعما للنوم، أما الأطفال فقد شاهدوا كل أفعال الجنجويد وضرب آبائهم امامهم فاصيبوا بحالة من الرعب والخوف والهلع حتى الكبار لم يسلموا من ذلك.. وفي الصباح الباكر قرر السكان بالإجماع الخروج من منازلهم بل ومن الجزيرة كلها حفاظا على حياتهم وحياة عائلاتهم وأطفالهم، فتجمع كل السكان داخل مسجد توتي الكبير والذي إمتلأ لآخره بالمواطنين والأسر والرجال والنساء والأطفال، ثم توجه وفد من السكان لإرتكازات الدعامة الموجودة وسط البلد، وكانت في السابق توجد ثلاثة إرتكازات على كبري توتي ولكن بسبب مهاجمتها بواسطة مسيرات الجيش قاموا بتحريكها وسط منازل المواطنين وعلى شارع توتي الرئيسي القادم من الكبري وحتى السوق، كل إرتكاز به حوالى (10) من الدعامة.. قابلنا قائد لأحد الإرتكازات وهو ضابط يدعى (حاتم)، وأبدينا رغبتنا في الخروج من الجزيرة لأن معنا مرضى وأطفال ونساء، فوافق وقدم لنا أذونات خروج، لكن عندما تدفق عليه جموع المواطنين للحصول على أذونات الخروج ألغوا الأذونات، ومنعوا المواطنين صراحة من مغادرة الجزيرة، وهدفهم من ذلك إبقاء السكان كدروع بشرية خوفا من قصف طيران الجيش ومسيراته.. بعدها توجه عدد من قادة الجنجويد للمسجد وإجتمعوا بالمواطنين المتكدسين داخله وأذاعوا بيانا من هناك جاء فيه (على كل السكان أن يلزموا بيوتهم وممنوع منعا باتا مغادرة الجزيرة وسوف نوفر لكم الطعام والمواد الغذائية والأدوية) وبالطبع رفض السكان هذا العرض الكاذب، فنحن نعلم أنهم أيضا يعانون من نقص الطعام لأنهم يخشون الخروج من الجزيرة لجلب موادهم الغذائية خوفا من الجيش الذي يتربص بمسيراته لهم.. وإتفق السكان على عدم العودة لمنازلهم والبقاء داخل المسجد، (حياة حياة، موت موت)، وإذا قدرنا أن نموت فلنموت معا.
- في الحلقة القادمة:
ــ الدعامة يتحولون لمستثمرين لإخراج المواطنين من توتي بعربات الدعم السريع مقابل (مليون) و(500) ألف جنيه للمجموعة الواحدة من المواطنين!.
ــ ماذا تعرف عن الطبيبة المتعاونة مع الدعامة بمعالجة مرضاهم والتي غادرت الجزيرة تاركة والديها خلفها؟!.
ــ رحلة محفوفة بالمخاطر للهروب من الجزيرة المستباحة من الجنجويد.
ــ المغادرون يجتازون كبري توتي زحفا على بطونهم خشية قناصة الجنجويد.