مارستها المليشيا في العديد من القرى الاحتجاز القسري وطلب (الفدية)… المليشيا تمارس (الإبتزاز) علنا (٢-٢)

- تعذيب المحتجزين لارغامهم على الاعتراف بتبعيتهم للجيش
- (إبتزاز) أهل الضحية بدفع (فدية) مالية لإطلاق سراحه
- ضحايا من الحصاحيصا: تم احتجازنا ثلاثة أشهر تعرضنا فيها للتعذيب وسوء المعاملة
- النساء يتم إخفائهن لدواعي الإستغلال الجنسي أو الزواج القسري
- محامي : ما ارتكبته المليشيا يقع ضمن ما يعرف بالجرائم ضد الإنسانية
تحقيق- حنان كشة:
في الثلاثين من ديسمبر من العام الماضي اختطفت قوات الدعم السريع حافلة ركاب من الطريق الرابط بين مدينتي المناقل وودمدني والذي يمر بسوق المدينة عرب بعد أن أوقفوا الحافلة في قرية (مهلة) وقتلوا عدد من الركاب بينهم طبيب كان عائدا من عمله في مستشفى (بورتبيل) المجاورة للمدينة عرب، وكان الجنود يرددون أثناء حملة رعب نفذوها على المواطنين أنهم ينتقمون لمقتل جندي مقتول في المدينة عرب وأن ثأره يعادل مقتل خمسين مواطن.
إعتقال وابتزاز:
سيناريوهات مؤلمة لتلك الأحداث التي ظلت تتكرر كثيرا منذ إندلاع الحرب من قبل أفراد مليشيا الدعم السريع في كثير من القرى التي كانت آمنة حتى دخلوها، واحالوا حال أهلها خوفا ورعبا، ومارسوا فيها النهب والسلب وقتل الأنفس وإعتقال الأهالي بقصد الابتزاز والاكراه على دفع (فدية) لإطلاق سراحهم، وكانت عمليات الاعتقال من القرى تستهدف المواطنين العزل الذين لا دخل لهم بالنزاع، والأغرب من هذا وذاك أن القوات المتمردة تشترط فدية لإطلاق سراح المحتجزين في وجه سافر لجريمة الإبتزاز وهكذا تصبح الجريمة مزدوجة ويصبح مصير الضحايا في كف عفريت.
تعذيب الأبرياء :
موظف حكومي في العقد السادس من العمر إعتقلته قوات الدعم السريع تعسفيا في يناير الماضي وهو يحاول أخذ بعض المتعلقات اللازمة من مكتبه تم احتجازه ثلاثة أيام تعرض خلالها لضرب وتعذيب متواصل حتى أصيب بجرح غائر في رأسه والهدف من الإعتقال والتعذيب أن يقر بأنه يعمل مع الإستخبارات العسكرية ووفقا للمرصد السوداني لحقوق الإنسان تم مؤخرا إطلاق سراح ثلاثة مواطنين أعتقلوا بمدينة الحصاحيصا قبل ما يزيد عن الثلاثة أشهر وتم ترحيلهم لسجن سوبا وفقا لشهادات أكدت كذلك على تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة والإحتجاز في ظروف قاسية ولا إنسانية.
إفادات :
المواطنة (س، م، ع) تحدثت عن إعتقال إبن عمها من أمام منزل الأسرة بواحدة من القرى بواسطة قوة مسلحة تتبع لمليشيا الدعم السريع وتم اقتياده لجهة غير معلومة منذ منتصف أغسطس من العام الماضي دون أن يعلموا بمكان وجوده ولا مصيره، وأكد أحد الناجين (س.ن) أنه تم إخفائه لأكثر من شهر وتم إعتقاله من المنزل بواسطة قوة تتبع لمليشيا الدعم السريع وتم الزج به في معتقل، وأشار إلى أنه توجد عشرات المعتقلات بحي الرياض بالخرطوم وحده.
جريمة مزدوجة :
وأكدت تقارير رسمية أن قوات الدعم السريع قامت بإعتقال العشرات من المواطنين في مدينة الحصاحيصا واحتجزتهم لفترات متفاوتة، وفيما يتم إطلاق سراح بعضهم بعد أيام بعد مساومتهم بدفع (الفدية)، والتي تصل لمبالغ كبيرة يعجز الكثيرون عن دفعها، وهؤلاء تم تحويل إلى سجن سوبا، وقد تم التوثيق لحالات عديدة من تلك الحالات.
تقرير المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري رصد انتهاكات عديدة ك (الإختطاف) والاحتجاز والإخفاء لأشخاص دون أن تعلم أسرهم ظروف إعتقالهم أو مكان تواجدهم وما هو مصيرهم ولم يتح لأي من المختطفين الإتصال بذويهم أو محاميهم أو ممثليهم القانونيين.
مراكز إحتجاز:
بحسب شهادات عدد من المعتقلين السابقين الذين تحدثوا للمرصد السوداني لحقوق الإنسان فإن قوات الدعم السريع قامت بتحويل أحد مباني مصنع سوار للنسيج بالحصاحيصا إلى مركز للاحتجاز والتحقيق احتجزت به العشرات من الأشخاص في ظروف سيئة داخل غرفة مكتظة يتم تعذيبهم يوميا ويضم مركز الإحتجاز معتقلين من مدينة الحصاحيصا وقرى المحلية الأخرى، بإتجاه آخر أشارت شهادات الناجين إلى أن مليشيا الدعم السريع قامت بتعيين مستشارين قانونيين معظمهم من المحامين على ما يبدو ليتم عرض المعتقلين عليهم بعد التحقيق معهم بواسطة المتحري الذي يكون إما أحد ضباط الدعم السريع أو أحد أفراد الشرطة الذين فرض عليهم أو إختاروا التعاون مع الدعم السريع ويقرر المستشار القانوني بعد معاينة المعتقل والإستماع إلى تقرير المتحري إما إطلاق سراح المعتقل بعد دفع (الفدية) التي يتم الحكم بها أو الأمر بسجنه وفي حالة السجن يتم تحويل المحتجزين إلى سجن سوبا بولاية الخرطوم، ويؤكد المرصد السوداني لحقوق الإنسان أنه لا يملك معلومات كافية عن الإطار القانوني الذي يمارس به أولئك المستشارين وظائفهم من خلاله ويصدرون أحكامهم.
تجريم الإختطاف:
ووفقا للمحامي عثمان البصري عضو الجمعية السودانية لضحايا الإختفاء القسري فإن القانون السوداني يجرم الإختطاف في المادة (162) والحجز غير المشروع في المادة (164) والاعتقال غير المشروع في المادة (165) والجرائم ضد الإنسانية في الفقرة (ن) من المادة (186) التي تنص على الإختفاء القسري في القانون الجنائي السوداني للعام 1991م لكنه عاد ليقول أنه بالرغم من تجريم الفعل وتضمين ذلك في مواد بالقانون الوطني
نقاط موجزة:
وحسبما يقول المحامي وعضو المجموعة السودانية لضحايا الإختفاء القسري عثمان البصري فإن عملية الإختفاء القسري ليست حديثة الظهور في النزاع الذي يدور حاليا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع لكنها بدأت في الظهور منذ حرب الجنوب إلا أن حالات الإختفاء القسري في السابق تتم دون توثيق ورصد وحتى المجتمع الدولي لم يهتم بها الإهتمام المطلوب والدليل على ذلك حسب قوله دخول الإتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري دخلت حيز النفاذ في العام 2010م فيما وقع عليها السودان في العام 2020م.
طلب الفدية :
يعود المحامي عثمان البصري ليسلط الضوء على حالات الإختفاء القسري في النزاع الحالي وهو يشير إلى أنها لدواعي محددة تتمثل في إتهام المدنيين بأنه تابع أو متعاون مع قوات الشعب المسلحة أو العكس وهناك حالات أخرى ظهرت تفاصيلها في المقابلات التي أجروها مع الناجين من الإختطاف حسب إفادتهم تؤكد أن قوات الدعم السريع اعتقلت عدد من المدنيين ليطلبوا (فدية) من أهلهم مقابل إطلاق سراحهم، وبعد أن يكتمل الإبتزاز يتم إطلاق سراحهم، وهناك أعداد كبيرة من النساء تم إخفائهن قسريا لدواعي الإستغلال الجنسي أو القيام بالاعباء المنزلية أو الزواج القسري، أو الإبتزاز أيضا وطلب الفدية.
يقول المحامي عثمان البصري أنه عادة ما يتم تدوين بلاغ بعد إختفاء شخص مدني لكن النيابة تكون عاجزة في الغالب عن القيام بعمليات البحث الكافية ومعرفة مصير ذلك الشخص لكن وحسب قوله هناك آليات دولية منها اللجنة الخاصة للاختفاء القسري والفريق العامل بحالات الإختفاء القسري بجانب مفوض الإختفاء القسري في مجلس حقوق الإنسان والمفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب وكلها آليات تعمل في تبصير الأهالي للطرق على أبواب الآليات الدولية.
لي ذراع:
ويمضي مولانا عمر كباشي ليزيد بأن الباب الثامن عشر تضمن كذلك في الفقرة (هـ) منعت اعتقال شخص أو أكثر من المشمولين بالحماية أو أخذه عنوة بأية طريقة، مع التهديد بقتله أو إصابته أو مواصلة إحتجاز هذا الشخص أو أولئك الأشخاص بقصد إجبار دولة أو منظمة دولية أو شخص طبيعي أو إعتباري، أو مجموعة أشخاص على القيام بفعل أو الإمتناع عن فعل كشرط صريح أو ضمني لسلامة هذا الشخص أو للإفراج عنه،
جرائم ضد الإنسانية:
وأشار دكتور عمر كباشي إلى أن ما ارتكبته قوات الدعم السريع يقع ضمن ما يعرف بالجرائم ضد الإنسانية بما في ذلك جرائم حجز المدنيين ويفترض أن تعقد المحاكمة أمام المحاكم السودانية لكل من ينتهك القانون الجنائي الذي يتضمن ما سقناه سابقا.
توثيق وحقوق:
المحامي عثمان البصري عضو المجموعة السودانية لضحايا الإختفاء القسري يواصل إفادته لـ(اصداء سودانية) وهو يؤكد أهمية الرصد والتوثيق للجرائم التي تتم فيما يلي حالات الإختفاء القسري، ويوجز ذلك بقوله أنه حالما يستقر السودان سيتم تقديم تلك الحقائق التي صاحبت حالات الإختفاء للمحاكم التي يمكن أن تشكل سواء كانت محكمة دولية أو خاصة أو مختلطة أو وطنية أيا كان مما يسهل حصول الضحايا على حقوقهم وهنا نستفيد من تجارب دول عديدة تعرض لسيناريوهات تشابه حالة نزاع السودان وجرائم الاختفاء القسري كالأرجنتين التي أحدث نضال ذوي الضحايا فيها منذ العام 1982م لميلاد الإتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري كما تم في المغرب إنصاف ضحايا مرّ على إختفائهم عشرات السنين والسبب في ذلك التوثيق للانتهاكات التي تتم بحق الضحايا.