
بورتسودان ثغر السودان الباسم وعروس البحر ياحورية
عبير الأمكنة:
- موقع بورتسودان المتميز جعلها في قلب الصراع الاستراتيجي وهاكم الأدلة
- ثلاث دول (حبيسة) تعتمد على بورتسودان في حركتها التجارية أرغمتها الإمارات لتكون مساندة لمليشيا آل دقلو
- بورتسودان مدينة ساحلية فتحت (قلبها ) للآخر فأصبحت (قبلة) للجميع
- أكثر ما أزعج الإمارات داعمة المليشيا وراعية الحرب أن بورتسودان أصبحت العاصمة الإدارية المؤقتة !!!
- استهداف بورتسودان بالمسيرات محاولة جديدة لضرب المنشآت الحيوية والتهجير القسري للمدنيين ولكن!!! موقع بورتسودان المتميز جعلها في قلب الصراع الاستراتيجي
دكتور إبراهيم حسن ذو النون
ما تذكر مدينة بورتسودان الا وتعود ذاكرة السودانيين الى تلك الكلمات التي صاغها الشاعر محمد عبدالله بابكر غناها فنان بورتسودان الأشهر الذي ارتبط اسمه باسمها (حيدر بورتسودان) والتي قال فيها:
عروس البحر يا حورية
يابورتسودان ياحنية
من قلبي التايه في حبك
اهدي سلامي والف تحية
بشوق الفرحة النشوانة
يأماسي الحب الشرقية
لرقصة رشيقة بجاوية
لغنوة حزينة سواكنية
لعيون احبابنا الحلوين
لليالي الفرح الوردية
لدروبك في الحب نديانة
تخضر لحظات رايعة هنية
يرسم خديك بحنية
ياثغر البهجة بذكراك
ماليا حياتي و جوا عينيا
يا عروس البحر ياحورية
يابورتسودان ياحنية
من قلبي التايه في حبك
اهدي سلامي والف تحية
أصل التسمية:
خلال فترة الحكم الثنائي الإنجليزي المصري 1899م_ 1956م جاء التفكير بإنشاء مدينة بحرية حديثة باسم الشيخ برغوث ولكن بعد اكتمالها سماها الانجليز port sudan لتكتب بورتسودان (بلصق) التاء بالسين ولكن عند النطق تحذف السين..
وكذلك يطلق على بورتسودان اسم (الثغر) و(ثغر السودان الباسم) وتسمي أيضا المدينة (الحية) ويطلق عليها وفق التدابير القانونية البحرية مدينة الساحل، وهي تعد المدينة الساحلية الثانية على البحر الأحمر (من حيث المساحة والسكان والنشاط الاقتصادي وحركة السفن والمراكب) بعد السويس في جمهورية مصر العربية…
تقع مدينة بورتسودان شمال شرق السودان على ارتفاع مترين (6.6) قدم فوق سطح البحر وتبعد من العاصمة الاتحادية (الخرطوم) بحوالي675 كيلو متر (419 ميل)، وهي عاصمة ولاية البحر الأحمر والميناء الرئيسي في السودان، وبها نشاط اقتصادي كثيف كما أن بها مرافق سياحية مميزة (سواكن/سنكاب) ومناطق أثرية ذات طبيعة خلابة مثل أركويت واصداف).. وترتبط بالعالم الخارجي بحريا بميناء بورتسودان حيث تتحرك منها سفن نقل الركاب والبضاعة (صادرات وواردات)..
وترتبط بالعالم جويا عن طريق مطار بورتسودان الدولي، وحركة الطيران فيه وجهاتها متعددة، والآن أصبح مطار بورتسودان الدولي المطار البديل لمطار الخرطوم الدولي بعد تعطل الأخير بسبب الحرب التي باشرتها مليشيا ال دقلو المتمردة على السودان منذ 15 أبريل2023م.. كما ترتبط بالطريق الدولي البري الذي يربط جمهورية مصر العربية بالسودان (قباتيب)
قبلة الجميع:
الناظر الى موقع مدينة بورتسودان الاستراتيجي والى التركيبة الديمغرافية ينتبه منذ الوهلة الأولى الى أنها (قبلة) للجميع، لأنها فتحت قلبها للآخر وبرغم أن سكانها الأصليين شرقاويين حتي النخاع (بجه) و(بني عامر) وقبائل أخرى من شرق السودان، إلا أنها فتحت قلبها لجميع المكونات السكانية من داخل السودان وخارجه..
وتسكنها قبائل عربية ذات أصول يمنية من الحضارمة مثل أسر باعبود وبوارث وبعشر بالاضافة للمجموعات السكانية العربية ذات الأصول السعودية بالإضافة للرشايدة، كما هناك مجموعات أفريقية ذات أصول زنجية وهناك جاليات هندية وأسيوية تسودنت بالجنسية السودانية أما قبائل النوبة بجبال النوبة فلها وجود مقدر لايقل عن تواجدها بمناطق أم بدة والحاج يوسف بالعاصمة الخرطوم..
احياء عريقة :
يبلغ تعداد مدينة بورتسودان حسب تقدير 2011م ( 579.942 نسمة) الا أن نسبة السكان قد زادت خلال عامي الحرب الماثلة حيث انتقلت إليها العاصمة الإدارية المؤقتة وانتقلت إليها بعض البيوتات التجارية والصناعية..
ويتوزع سكان مدينة بورتسودان على عدة أحياء سمتها الأساسية العراقة والأصالة، وأخذت المدينة بنفس خصائص المدن الساحلية الأخرى..
وبورتسودان هذه لولا أن الشاعر علي محمود طه المهندس قد قال قصيدته الشهيرة ( الجندول) في مدينة البندقية لحسب الناس أنها قيلت في مدينة بورتسودان لتشابههما كمدن ساحلية.. حيث قال فيها:
أين من عيني هاتيك المجالي ياعروس البحر ياحلم الخيال
أين عشاقك سمار الليالي …
أين من واديك يامهد الجمال
موكب الغيد وعيد الكرنفال …
وسرى الجندول في عرض القتال
** **
بين كأس يتشهى الكرم خمره
وحبيب يتمنى الكأس ثغره
التقت عيني به أول مره
فعرفت الحب من أول نظره
ومدينة بورتسودان احياء عديدة منها القديم ومنها الجديد ومنها القديم الذي تجدد لكن قاسمها المشترك هو العراقة ونذكر بعضها (ديم سواكن/ديم جابر/ديم موسي/الملاحة/ترانزيت/كوريا/المطار/حي البوستة/حي الشاطئ/حي الشجرة/الميرغنية/دار السلام/الرياض/الجنائن/ديم مدينة/حي المطار /سلبونا/الثورة/هدل) وغيرها
في قلب الصراع الاستراتيجي:
لئن كان السودان في قلب الصراع الاستراتيجي فإن بورتسودان في عمق ذلك الصراع لموقعها المميز على ساحل البحر الأحمر، وهذا الموقع المتميز جعل دولة الإمارات العربية تنظر الى هذه المدينة الساحلية نظرة استهداف لأنها ستكون مدخلها على ساحل البحر الأحمر ويجعلها قريبة من غريمتيها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية اللتين تعتبرهما حجر عثرة أمام مخططاتها المشروعة ولا غير المشروعة، بالإضافة الى أن بورتسودان تعني بالنسبة لها (ميناء بحري) مهم لنقل صادر الذهب وبقية المعادن التي تخرجها من السودان ب (الحلال اوالحرام)، ورشحت أنباء أن قيادات دولة الإمارات وبعد استيلاء مليشيا الدعم السريع على العاصمة الاتحادية واستطاعت الحكومة السودانية إدارة العمل الحكومي من مدينة بورتسودان كعاصمة إدارية مؤقتة قد عبرت عن عدم رضائها لهذه الخطوة، حيث أبدت هذه القيادات انزعاجهم لهذه الخطوة
3 دول حبيسة ولكن:
ومن المفارقات الغريبة في هذه الحرب الماثلة أن دول جنوب السودان وأثيوبيا وتشاد والتي هي دول حبيسة (أي ليست لها موانئ) تتعامل معها في صادراتها ووارداتها وبالتالي تلجأ لميناء بورتسودان كأقرب ميناء لها، وهذه الدول وبتوجيهات صارمة من الإمارات واستخدام أسلوبي التخويف والترغيب ساندت المليشيا وقدمت لها كل أشكال الدعم والمساندة..
استهداف بو رتسودان بالمسيرات:
وأخيرا بعد أن تلقت مليشيا الدعم السريع المتمردة الضربات الموجعة وآخرها ما تلقته في نيالا، فهذه الضربات أصابت الإمارات في مقتل، مما دفعها لإستخدام مسيرات حديثة وبتقنيات متقدمة ومن قواعد عسكرية في بعض دول البحر الأحمر (دول جوار الجوار السوداني)، واستهدفت مدينة بورتسودان بهذه المسيرات ولكن فات عليها أن القوات المسلحة تمتلك منظومة تسليحية متقدمة متطورة استطاعت أن تصد هذه المسيرات، والطبع أن هدف الإمارات من ذلك بعد تجرع مليشيا الدعم السريع المتمردة الهزائم الكثيرة في أنحاء متفرقة في السودان فاستهدفت المرافق الحيوية (الكهرباء ومستودعات المواد البترولية)، بالإضافة الى تخويف المدنيين وتهجيرهم قسريا من مساكنهم وأسواقهم، ولكن وعي المواطنين ويقظة القوات المسلحة أبطلت مشروع الاستهداف الإماراتي الجديد على مدينة بورتسودان..